ثم أخذ بعد ذلك يفيض في الاستدلال لما ذهب إليه بهذه الأدلة الشرعية كلها، وهذا ما لا نرى ضرورة تتبعه فيه بالتفصيل، ونكتفي بهذه منها:
22 (أ)
أمر الله سبحانه وتعالى في آيات كثيرة من القرآن بالوفاء بالعقود بوجه عام، فيدخل في هذا ما التزمه الإنسان وعقده على نفسه من عقد بالمعنى المعروف، ومن شرط في عقد من العقود.
وكذلك أمرنا برعاية العهد بعامة، وفي بعض الآيات برعاية عهد الله، فيدخل في ذلك أيضا ما عقده المرء على نفسه، فإذا كانت رعاية العهد واجبة، فإن رعايته هي وجوب الوفاء به. (ب)
وورد عن الرسول
صلى الله عليه وسلم
أحاديث كثيرة تأمر بالوفاء بالوعد والعهد، وتنهى عن الغدر وتذم الغادرين ذما شديدا. وإذا كان من المسلم به أن كل من شرط شرطا ثم نقضه فقد غدر، يكون من الواضح أنه «قد جاء الكتاب والسنة بالأمر بالعهود والشروط والمواثيق والعقود، ولو كان الأصل فيها الحظر والفساد إلا ما أباحه الشارع، لم يجز أن يؤمر بها مطلقا ويذم من نقضها وغدر مطلقا.»
ومما جاء عن الرسول في ذلك قوله من حديث له: «والمسلمون على شروطهم، إلا شرط حرم حلالا أو أحل حراما»، وهو حديث حسن صحيح كما قال الترمذي، وكذلك قوله: «الناس على شروطهم ما وافقت الحق.» (ج)
وأما قوله
صلى الله عليه وسلم : «من اشترط شرطا ليس في كتاب الله فهو باطل وإن كان مائة شرط، كتاب الله أحق وشرط الله أوثق»، فإن معناه أن الشرط يكون باطلا إذا خالف كتاب الله بأن يكون المشروط مما حرم الله، فإن كان المشروط ليس مما حرمه الله، فلا يكون مخالفا كتابه.
Bog aan la aqoon