فاتخذ ابن تيميه لنفسه الموقف ذاته، فوافق مذهبه الحنبلى، ووافق الراى السائد في عصره، فهاجم الفلاسفه وعقائدهم، وطعن على المتكلمين في كل مناسبه يجدها، وصنف في ذلك كتبا مفرده، منها: (الرد على الفلاسفه) و(نقض المنطق) وغيرها.
غير انه اقذع في وصف الفلاسفه المسلمين - كالرازى وابن سينا والغزالى وغيرهم - وبالغ في النيل منهم، فوصفهم بانهم (افراخ الفلاسفه، واتباع الهند واليونان، وورثه المجوس والمشركين وضلال اليهود والنصارى والصابئين)!!.
الدين والدوله :
ميدان له فيه غير كلمه وغير جوله..
اجال الفكره فيه مره، فاعط ى الوصف السليم لاسباب هذا الشرخ الحاصل بين الدين والدوله، فقال في سياسته الشرعيه: لما غلب على كثير من ولاه الامور اراده المال والشرف، وصاروا بمعزل عن حقيقه الايمان في ولايتهم، راى كثير من الناس ان الاماره تنافى الايمان وكمال الدين.
ثم منهم من غلب الدين، واعرض عما لا يتم الدين الا به من ذلك، ومنهم من راى حاجته الى ذلك، فاخذه معرضا عن الدين لاعتقاده انه مناف لذلك، وصار الدين عنده في محل الرحمه والذل، لا في محل العلو والعز.
وكذلك لما غلب على كثير من اهل الدين العجز عن تكميل الدين، والجزع لما قد يصيبهم في اقامته من البلاء، استضعف طريقتهم واستذلها من راى انه لا تتقوم مصلحته ومصلحه غيره بها.
وهاتان السبيلان فاسدتان: سبيل من انتسب الى الدين ولم يكمله بما يحتاج اليه من السلطان والجهاد والمال.
وسبيل من اقبل على السلطان والمال والحرب ولم يقصد بذلك اقامه الدين.
هما سبيل المغضوب عليهم والضالين، الاولى للضالين: النصارى، والثانيه للمغضوب عليهم: اليهود.
وانما الصراط المستقيم، صراط الذين انعم الله عليهم، ومن سلك سبيلهم: ان قوام الدين بالكتاب الهادى والحديد الناصر.
فعلى كل احد الاجتهاد في اتفاق القرآن والحديد لله تعالى.
Bogga 41