المذهب الحنبلى هو واحد من مذاهب اصحاب الحديث، فمن المالوف ان يولى مشايخ هذا المذهب عنايه خاصه بالحديث وعلومه فوق كونه واحدا من مصادر التشريع الاساس. ولقد اظهر ابن تيميه عنايته هذه من خلال دراسه الحديث وحفظه ومعرفه علله، والاكثار من الرجوع اليه والاستشهاد به في مجالس الدرس وفى التاليف، مع حرصه في اغلب الاحيان على اعطاء درجه الحديث من صحه او ضعف او وضع، واسناده الى مصدره من كتب السنن، فيقول مثلا: حديث صحيح رواه الترمذى واحمد، او: هذا الحديث لم يرد في شيء من كتب السنن، ولا عمل به احد من السلف، ونحو ذلك. فكان لهذا الاسلوب المشحون بالعبارات الجازمه والاحكام القطعيه اثره البالغ في الاستحواذ على السامع والقارى، حتى قالوا عنه: انه اوحد عصره في هذا الفن، بل قال الذهبى: حق ان يقال ان كل حديث لا يعرفه ابن تيميه ليس بحديث.
وتناقل الناس هذه المقوله تناقل المقلدين رغم ان من له ادنى نظر في التحقيق يعلم انها من فرط كلام المعجبين الذى لا يعضده الواقع، فلم يكن ابن تيميه - مع ما هو عليه من مكانه - على ذلك القدر من ضبط الحديث، وله فيه اخطاء، بل تناقضات عجيبه لا تكاد تجد لها نظيرا عند غيره، اللهم الا من سلك طريقته، ومن امثله ذلك: - عدم التزامه نص الحديث الذى يرويه، سواء كان مما كتبه بيده، او رواه من حفظه في مجالسه، وهذه امثله على ذلك: 1 - استشهد على كلام له بحديث، فقال: ان الله تعالى يقول: (ان اوليائى المتقون ايا كانوا وحيث كانوا).
وهذا الحديث اخرجه الحاكم في المستدرك من حديث النبى(ص)، لاالحديث القدسى، مرفوعا، ونصه: (اوليائى منكم المتقون) واما لفظ (ايا كانوا وحيث كانوا) فهو من كلام مجاهد.
2 - في كتابه (الفرقان) قال: قال النبى (ص) : (من اكل من هاتين الشجرتين الخبيثتين فلا يقربن مسجدنا) الحديث.
Bogga 36