20

Ibn Taymiyyah: His Life and Times, Opinions and Jurisprudence

ابن تيمية: حياته وعصره، آراؤه وفقهه

Daabacaha

دار الفكر العربي

في الدفاع عن الإسلام والمسلمين فوقفوا في صدر الجبهة الأولى للإسلام ضد الصليبيين، وتلقوا الصدمة الأولى، ثم الصدمات التي تليها حتى أَيِسَ الصليبيين من التحكم في الإسلام، أو على الأقل فلوا من حدتهم، وخضدوا من شوكتهم، حتى أعادوهم هم والمصريون من بعد ذلك إلى بلادهم محطومين.

ولم يذكر المؤرخون شيئاً عن أمه، ولا قبيلها، وهي في الغالب ليست عربية، ولقد عاشت إلى أن اكتمل مجد ابنها، وعاونته في جهاده، وعندما كان بمصر معتقلاً، كان يكتب إليها رسائل تفيض براً وعطفاً وإخلاصاً وإيماناً.

١٨- انتقلت أسرته إلى دمشق واستقر بها المثوى، والعالم الجليل حيثما حل وجد مكانه من الهدى والإرشاد، وكذلك كان الشيخ شهاب الدين والد تقي الدين موضع بحثنا، فإنه بمجرد أن وصل إلى دمشق، ذاع فضله واشتهر أمره، فكان له كرسي للدراسة والتعليم، والوعظ والإرشاد بجامع دمشق الأعظم، وتولى مشيخة دار الحديث السكرية، وبها كان سكنه، وفيها تربى ولده تقي الدين(١).

ومما لوحظ على درس ذلك العالم الجليل أنه كان يلقي دروسه غير مستعين بقرطاس مكتوب أو كتاب يتلو منه، أو مذكرات ليستعين بها، بل كان يلقي الساعات من ذاكرته الواعية، وعقله المستذكر، وهذا يدل على قوة الحافظة؛ والقدرة على البيان، وثبات الجنان، وهي الصفات التي برزت في ابنه، وكانت من أخص صفاته التي كان يقرع بها الحجة، ويشده لها المجاوب، ويتحير لها المناظرون الأقران.

نشأ الغلام فوجد أباه على هذا القدر من العلم والتقدير، فكان ذلك موجهاً له إلى العلم، وفي الواقع أن الأسرة كلها قد توارثت العلم والنزوع إليه، فقد كان جده مجد الدين عالماً جليلاً يعد من أئمة الفقه الحنبلي المخرجين فيه، وله كتابات

(١) توفي والد ابن تيمية سنة ٦٨٢ بدمشق. راجع ابن كثير جـ ١٣ ص ٣٠٢.

19