Wiilkii Suldaanka
ابن السلطان: وقصص أخرى
Noocyada
مضينا يا حبيبتي متعانقين. ذراعي حول خصرك. ذراعك على كتفي. الناس ينظرون إلينا ويبتسمون. نحن ننظر إلى الناس ونبتسم. مررنا على بائع فول سوداني واشترينا قرطاسين، واحدا لك وواحدا لي. جعنا فأكلنا سندوتشين. ما كدت أعطيه لك حتى غاب في فمك. ما كان أجمل جوعك! ما كان أبدع شراهتك. سألت البائع: هل عندك غير الفول؟ سألتني كالمذعورة: أسد ولا يأكل الفول! خجلت ومددت يدي إلى البائع المبتسم وحشرت السندوتش كله في فمي. قلت هل رأيت الآن أستطيع أن أبتلعك أنت أيضا!
كان صياح الباعة يضحكنا، كأنهم يلقون نكتا لذيذة. وصراخ الأطفال يجعلنا نبتسم، كأنه فراشات تداعب آذاننا. وأنوار الصواريخ تفرح عيوننا، تتناثر في السماء كالزهرات المضيئة فنمد أيدينا لنلتقطها، وتسقط فوقنا كالثمرات الذهبية فنقف ونفتح أفواهنا نريد أن نتلقفها. توقفت فجأة وقلت: ما رأيك؟ ورأيتك تشيرين من بعيد فسألت: في ماذا؟ سألت مندهشة: ألا تراها تدور؟ ألا تراها تدور؟ قلت وأنا ألمح الأراجيح تلف في الهواء: ما أبدع منظرها. صحت: بل قل ما أبدع ركوبها! اعترضت في حذر: سيضحكون عليك! قلت وأنت تسحبينني إلى هناك: بل أنت تخاف أن يضحكوا عليك! استسلمت وذهبت إلى الرجل العجوز الذي يقطع التذاكر. أعطانا تذكرتين وقال: خمس لفات بقرش. أمسكوا نفسكم! توقفت الأرجوحة ونزل الأطفال. بعضهم يصرخ ويبكي وبعضهم يضحك ويطلب المزيد. ركبت في صندوق وأنت في صندوق. حذرتك وأنا أقطب وجهي: شدي الحزام جيدا حول وسطك! قلت عابثة: أنت فارس على الأرض فقط! قلت مدعيا السخط: بل في السماء أيضا! وأردت أن أتملص من الحزام لأتأكد من أنك ربطت نفسك جيدا. لكن الأرجوحة الهائلة كانت قد تحركت. كشجرة سحرية كل فروعها تدور حولها. كنا ندور دائما دائرة واحدة. وجهي في ظهرك أحاول اللحاق بك وأنت تهربين. صحت: امسكي نفسك! التفت ضاحكة: خليك في نفسك أنت! زعقت: أنا مسئول عنك! ضحكت ضحكة طائشة وقلت: هل صدقت أنك فارس؟ زمجرت غاضبا: كيف تجرؤين على الشك؟! ضحكت وقلت في عناد: أنا لا أعرفك. صحت بأعلى صوتي: أنت تعرفين أنني أحبك، التفت إلي وقلت: ماذا تقول؟! رفعت صوتي غاضبا : أقول إنني أحبك. ارتفعت ضحكتك الطائشة وقلت: أنا لا أسمعك. أشرت إليك مهددا: بل تسمعين جيدا. قلت وقد أمعنت في طيشك: هل قلت شيئا؟ أبطأت دورة الأراجيح فصحت: انتظري حتى ننزل على الأرض!
هدأت الأرجوحة ثم توقفت. كانت رأسي لا تزال تدور وتدور وتدور. تذكرت أنني وأنا طفل أصابني الدوار وكدت أقع. تذكرت أنني أغمى علي وتقايأت على جلبابي الأحمر الجديد. تذكرت أن أمي ضربتني على وجهي وأن أصحابي ضحكوا علي وأن أبي توعدني قائلا: إن عدت إلى المراجيح قطعت رأسك.
غامت عيناي يا حبيبتي. حاولت أن أنزل بنفسي من الأرجوحة فلم أستطع. خيل إلي أنني أرى شبحك يتقدم مني، يفك الرباط عني، يساعد الرجل العجوز في الأخذ بيدي. حاولت أن أتماسك وقلت: أنت ملاكي الشيطاني. أمسكت برأسي وقلت: يجب أن تتقايأ. سندتني بذراعك وسرت بي إلى مكان بعيد. قلت: أحس أن العالم ينهار على رأسي. همست في أذني: أهذا كلام أسود؟ أحسست بشلال عفن يندفع إلى فمي. بعد أن أفرغت ما في جوفي نظرت إليك وقلت: لا تشمتي بأسد يتقايأ. قلت وذراعك تلتف حولي ويدك تجفف العرق من على جبهتي: المهم ألا يتقايأ الزهرة! كان العالم كله يدور حولي. دوامة من الأراجيح والصيحات والأفواه الضاحكة والسكاكين والأسود والأزهار والسحرة تدور بي. شددت قبضتي على يدك. قلت ضارعا: لا تتركيني. همست قائلة أنت مريض. رأسك دافئ. قلت وأنا أحس بأحشائي تضطرب وتفور، ودماغي يلف ويدور: أنا لست خجلا من مرضي. وانطلقت حنجرتي تغني. هل ما زلت تذكرين يا حبيبتي؟ هل ما زلت تصدقين؟ أي شيطان كان يعبث بي ويجري هذه الكلمات العجيبة على فمي:
أريد أن أرقد على الفراش،
أن أتظاهر بأني مريض.
عند ذلك يأتي الجيران،
ومن ورائهم حبيبي.
ظهر وجه حبيبي،
فما حاجتي لطبيب؟
Bog aan la aqoon