رأيت ابن سينا يعادي الرجال
وبالحبس
7
مات أخس الممات
فلم يشف ما نابه بالشفا
ولم ينج من موته بالنجاة
وليس النصيب الذي اتفق لذكرى ابن سينا في الشرق والغرب، وما كان لفلسفته من نفوذ، من نابض كتابنا الآن، ما دمنا نعد نهجه نقطة وصول، لا نقطة انطلاق. ولكننا لا نستطيع أن نقاوم رغبتنا في الإشارة إلى أحد الوجوه التي تمت لسيماه في نظر الشرقيين. ما كان أصل هذا الوجه الأسطوري في بعض سمات خلقه الحقيقي، ويوجد في آداب الشرق الشعبية، ولا سيما الآداب التركية، ابن سينا وهمي؛ أي ساحر هزلي مفيد، جعل منه خيال العامة بطل مغامرات غريبة ومرحيات مضحكة، وتوجد مجموعة من الأقاصيص التركية خص بها، وإليك إحدى هذه الفكاهات، التي جاءت في مجموعة من الأقاصيص التركية،
8
ورئي انهماك هذا الفيلسوف المرح فيها: «كان يوجد ملك في حلب، وكانت هذه المدينة قد خربت بعدد عظيم من الفئران ، التي ما انفك الأهلون يتضررون منها، ومما حدث يوما أن كان الملك يكلم ابن سينا، وأن الحديث دار حول الفئران، فسأل الملك هذا الطبيب عن وجود وسيلة لإبادتها، فأجاب الطبيب بقوله: «أستطيع أن أصنع ما لا يبقى معه أية فأرة في المدينة في بضع ساعات، ولكن على أن تكون أنت عند أبواب المدينة، وألا تضحك مما ترى».»
فرضي الملك بذلك مسرورا، وشد السرج على فرسه، وذهب إلى الباب وانتظر، وذهب ابن سينا من ناحيته إلى الطريق المؤدية إلى الباب، وأخذ يقرأ إحدى الرقى، فجاءت فأرة، فأمسكها ابن سينا وقتلها ووضعها في تابوت، ودعا أربعة فئران لحمله، ويداوم على رقاه، وتأخذ الفئران في المشي وهي تخبط أرجلها، وتحضر فئران المدينة كلها لحضور الجنازة، وتتقدم مصفوفة إلى الباب حيث كان الملك، ويسبق بعضها الجنازة، ويسير بعضها الآخر خلفها، وينظر الملك، ولكنه لم يتمالك أن قهقه عندما رأى الفئران الحاملة للتابوت، وتموت جميع الفئران التي جاوزت الباب حالا، وأما التي لم تزل داخل المدينة فقد انفصل بعضها عن بعض وفرت. فقال ابن سينا: «أيها الملك، لو أمسكت عن الضحك بضع دقائق أخرى ما بقي في المدينة واحدة منها، ولكشف الهم عن جميع الناس.» فندم الملك، ولكن ما الحيلة؟ لا فائدة من ندم بعد الأوان.
Bog aan la aqoon