إن أرسطو يخال أنه تجاوز هذه الوقفة حين قال إن الأفلاك ذوات عقول وأنها تتحرك حركة المريد لأنها تشتاق إلى مصدر العقول.
ولكنه لم يتجاوز الوقفة خطوة واحدة بهذا التعليل. إذ كيف أصبحت الأفلاك ذات عقول؟ هل تحركت وعقلت أو هي قد عقلت وتحركت؟ إن قيل إنها تحركت فعقلت فالحركة إذن من غير العقل، وإذا كانت قد عقلت فتحركت فالعقل فيها وليس له مصدر من غيرها، وإن كانت قد تلقت العقل من الله فقد تأثرت المحسوسات بالمعقولات.
وهنا الوقفة التي لا يتجاوزها أرسطو إلى ما وراءها، وأيسر منها أن يقال إن «الوجود الإلهي» لا يقاس عليه وإن قدرته لا تقبل الحدود لأنها قدرة ليس لها ابتداء ولا انتهاء ولا غاية قصوى في الاستطاعة. بل هي قدرة لا يمتنع عليها أن تخلق للإنسان عقلا غير عقله يجيز ما لا يجيزه الآن.
ومن ثم نتبين أن «العقيدة الدينية» هي أقرب الفلسفات إلى المعقول، وليس قصارى الأمر فيها أنه أمر تصديق وإيمان.
لا بد من وقفة في كل تفسير للوجود.
فوقفة المؤمن أصح من وقفات الفلاسفة في النهاية: كل ما هو محدود فقد يحيط به القياس، ولا إحاطة بما ليست له حدود و«الباري» قديم سرمد لا يحده الزمان ولا المكان. ليس كمثله شيء. وهنا يحسن الوقوف.
ألأنه عقيدة وكفى؟
كلا، بل لأنه منطق سليم، ولأنه نهاية شوط العقول.
Bog aan la aqoon