وأما المقدمة القائلة إن كل من ظهرت على يديه المعجزة فهو رسول؛ فإنما تصح بعد الاعتراف بوجود الرسل، وبعد الاعتراف بأنها لم تظهر قط إلا على من صحت رسالته.
وإنما قلنا إن هذه المقدمة لا تصح إلا ممن يعترف بوجود الرسالة ووجود المعجزة ؛ لأن هذا طبيعة القول الخبري، أعني أن الذي تبرهن عنده مثلا أن العالم محدث فلا بد أن يكون عنده معلومات بنفسه أن العالم موجود، وأن المحدث موجود.
إلى أن يقول: ... فمن هذه الأشياء يرى أن المتكلمين ذهب عليهم هذا المعنى من وجه دلالة المعجز ... وليس في قوة العقل العجيب الخارق للعوائد الذي يرى الجميع أنه إلهي أن يدل على وجود الرسالة دلالة قاطعة، إلا من جهة ما يعتقد أن من ظهرت عليه أمثال هذه الأشياء فهو فاضل، والفاضل لا يكذب، بل إنما يدل على أن هذا رسول إذا سلم أن الرسالة أمر موجود، وأنه ليس يظهر هذا الخارق على يدي أحد من الفاضلين إلا على يد رسول. وإنما كان المعجز ليس يدل على الرسالة؛ لأنه ليس يدرك العقل ارتباطا بينهما إلا أن يعترف أن المعجز فعل من أفعال الرسالة؛ كالإبراء الذي هو فعل من أفعال الطب، فإنه من ظهر منه فعل الإبراء دل على وجود الطب وأن ذلك طبيب.
وأنت تتبين من حال الشارع
صلى الله عليه وسلم
أنه لم يدع أحدا من الناس ولا أمة من الأمم إلى الإيمان برسالته وبما جاء به بأن قدم على يدي دعواه خارقا من خوارق الأفعال، مثل قلب عين من الأعيان إلى عين أخرى، وما ظهر على يديه
صلى الله عليه وسلم
من الكرامات الخوارق فإنما ظهرت في أثناء أحواله من غير أن يتحدى بها، وقد يدلك على هذا قوله تعالى:
وقالوا لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعا
إلى قوله:
Bog aan la aqoon