Ibn Rumi: Noloshiisa Suugaantiisa
ابن الرومي: حياته من شعره
Noocyada
وقد تصادفه الحوادث كما تصادف الناس كافة، فتقع على نفسه موقعا خفيفا يملك معه عزمه، ويضبط معه شعوره، فهو في غنى عن الحذر والتوجس مذ كان يلقى الخطر - حين يلقاه - بعدة كاملة، ونفس مطمئنة، لا يتسلف الفزع منه قبل وقوعه، ولا يفرط في الفزع منه متى وقع واستحال عليه دفعه. وقد تؤدي به هذه الطمأنينة إلى نقيض الطيرة، فيحتجب عنه الخطر الصحيح والمتوهم على السواء، ويستسلم للأمن الصادق والكذاب استسلام المتطير لكاذب الخوف وصادقه، وظاهر الوهم ومكنونه، فهو أبدا في حالة سلم وأمان إذ يكون المتطير أبدا في حالة حرب وارتياب.
هذه طبيعة السليم من حيث التطير خاصة، والخوف من الطوارئ عامة.
أما مختل الأعصاب فالصغائر مكبرة في حسه، والأشباح والأطياف كثيرة في وهمه، يتخيل ويتوهم، ثم يزيده الفزع من الأخيلة والأوهام، فإن كان إلى ذلك شاعرا، وكان خياله قويا؛ فللطيرة فيه معين لا ينضب من الخلق والابتكار والطوارق.
وتتوارد عليه المنبهات - وكل طارق في الدنيا منبه لأصحاب هذا المزاج - فيتيقظ فيه الشعور بالخطر، ويلمح المخاوف حيث لا يلمحها الآخرون، كما هو الشأن في كل مستحضر للحذر متوقع للمفاجأة.
فأنت تسير في الطريق المأمون، فلا تزعجك نبأة ولا يلفتك ما قد يوجب التلفت، ولكنك إذا أدلجت في الأجمة المرهوبة، واستحلك الليل حولك خيل إليك أنك تسمع في كل همسة فحيح أفعى، وفي كل نفخة همهمة أسد، وفي كل خبطة تليك هجمة عدو ينتحيك بمكروه، وما اختلف على حسك بين الطريق المأمون والأجمة المرهوبة إلا اختلاف التوقع، واستحضار الحذر من كل مجهول غير منظور، وذلك هو موضع الاختلاف بعينه بين المتطيرين وغير المتطيرين.
ولقد كان ابن الرومي أوعى لنفسه من أن تخفى عليه طبيعة الحذر المركبة فيه؛ فهو يشعر من دخيلة طبعه بأنه حذور، ويعلم ألا مفر له من الحذر، فيتخذ من الضرورة فضيلة - كما يقولون - ويزعم أن الحذر باب الأمان:
فآمن ما يكون المرء يوما
إذا لبس الحذار من الخطوب
ويحتج لذلك بحجج كثيرة من القرآن والحديث والمنطق والروايات، كما مر بك في أخباره، ثم لا يشك في أنه محق مصيب، ضعفت حجته أو قويت، وصدقت محاذيره أو كذبت؛ لأن الحجة في العقائد الشعورية تلحق العقيدة ولا تسبقها، وتؤكدها إذا وافقتها، ولكنها لا تفندها إذا عارضتها. •••
ومن روافد الطيرة في ابن الرومي ذوق الجمال وتداعي الخواطر.
Bog aan la aqoon