Ibn Rumi: Noloshiisa Suugaantiisa
ابن الرومي: حياته من شعره
Noocyada
6
لها مريقة، فلما فاحت روائح القدور هش لها المتوكل فقال له: يا علي، أذقني. فجعل يذيقه من كل قدر بجرف يشرب فيها، فهش إلى الطعام وأمر بإحضاره، فالتفت علي إلى صاحب الشراب فقال له: ينبغي أن يختار لأمير المؤمنين شراب ريحاني، ويزاد في مزاجه إلى أن يدخل في الشرب، فيهنئه الله إياه إن شاء الله، قال: فلما أكل المتوكل وأكلنا نهضنا، فغسلنا أيدينا وعدنا إلى مجالسنا، وغنى المغنون فجعل علي يقول: هذا الصوت لفلان والشعر لفلان، وجعل يغني معهم وبعدهم غناء حسنا إلى أن قرب الزوال، فقال المتوكل: أين نحن من وقت الصلاة؟ فأخرج علي أصطرلابا من فضة في خفه، فقاس الشمس وأخبر عن الارتفاع وعن الطالع وعن الوقت، فلم يزل يعظم في عيني حتى صار كالجبل، وصارت مقابح وجهه محاسن، فقلت: لأمر ما قدمت؛ فيك ألف خصلة: طبيب ومضحك، وأديب وجليس، وحذق طباخ، وتصرف مغن، وفكر منجم، وفطنة شاعر ... ما تركت شيئا مما يحتاج إليه الملوك إلا ملكته.»
وعلي بن يحيى هذا هو الذي ذكر ياقوت قبيل ذلك أنه «كان بكركر من نواحي القفص ضيعة نفيسة لعلي بن يحيى المنجم، وقصر جليل فيه خزانة كتب عظيمة يسميها خزانة الحكمة يقصدها الناس من كل بلد، فيقيمون فيها ويتعلمون منها صنوف العلم، والكتب مبذولة في ذلك لهم، والصيانة مشتملة عليهم، والنفقة في ذلك من مال علي بن يحيى، فقدم أبو معشر من خراسان يريد الحج وهو إذ ذاك لا يحسن كبير شيء من النجوم، فوصفت له الخزانة فمضى ورآها، فهاله أمرها فأقام بها وأضرب عن الحج، وتعلم فيها النجوم وأغرق فيها حتى ألحد، وكان ذلك آخر عهده بالحج وبالدين والإسلام.»
كذلك كانت مجالس المجتمع العالية وآداب جلاسها وندمائها، والحديث الذي نقله ياقوت مظنة للزيادة والتأليف في بعض أجزائه، ولكنه يدل في جملته على المناقب والخصال التي كانت تطلب من النديم في ذلك الزمان. وترى من هذا الحديث كيف كانت سنة الفرس غالبة على مجالس الطرب وآدابها ومواعيدها وأدواتها، كما ترى ذلك من أوصاف المهرجانات والنواريز، وأعياد الطبيعة، ومنازه الرياضة والألعاب والصيد والطرد، وسائر المراسم والأزياء. •••
إذا تلخصت الحالة السياسية في سوء الظن، فقد تتلخص الحالة الاجتماعية في اغتنام الفرصة، وإن هذا وذاك في الحالتين لكالشيء وظله، أو كالصوت وصداه.
الحالة الفكرية
قال ابن قتيبة في مقدمة كتابه «أدب الكاتب» يصف حالة عصره من العلم والأدب:
إني رأيت أكثر أهل زماننا هذا عن سبيل الأدب ناكبين، ومن اسمه متطيرين، ولأهله كارهين. أما الناشئ منهم فراغب عن التعلم، والشادي تارك للازدياد، والمتأدب في عنفوان الشباب ناس أو متناس ليدخل في جملة المجدودين، ويخرج عن جملة المحدودين، فالعلماء مغمورون، وبكرة الجهل مقموعون، حين خوى نجم الخير، وكسدت سوق البر، وبارت بضائع أهله، وصار العلم عارا على صاحبه، والفضل نقصا، وأموال الملوك وقفا على شهوات النفوس، والجاه الذي هو زكاة الشرف يباع بيع الخلق، وآضت المروءة في زخارف النجد،
7
وتشييد البنيان، ولذات النفوس في اصطفاق المزاهر ومعاطاة الندمان، ونبذت الصنائع،
Bog aan la aqoon