Ibn Hazm: His Life, Era, Views, and Jurisprudence
ابن حزم حياته و عصره آراؤه وفقهه
Daabacaha
دار الفكر العربي
Goobta Daabacaadda
القاهرة
ولقينا صاحبه أبو القاسم عبد الله بن هذيل المعروف بابن المقفل. فأقمنا عنده شهوراً في خير دار إقامة، وبين خير أهل وجيران، وعند أجل الناس همة وأكملهم معروفاً وأتمهم سيادة، ثم ركبنا البحر قاصدين بلنسية عند ظهور أمير المؤمنين المرتضى عبد الرحمن بن محمد، وساكناه بها (١).
٤٣ - جذب ابن حزم للسياسة جذباً شديداً، لأنه كان قد آثر العافية والهدوء والاطمئنان بالإقامة في المرية، ولكن أزعجه واليها بهذا الاتهام الذي انتهى بالاعتقال أولاً ثم بالنفي والتغريب ثانياً.
ولكن التغريب لم يستمر أمداً طويلاً، ولم يكن في التغريب تعذيب ولا اضطهاد، بل إكرام، ولقد انتهى التغريب بالذهاب إلى بلنسية لتعاون عبد الرحمن الأموي الذي ظهر من جديد في أرض الأندلس يدعو لنفسه في بلنسية. ومن الغريب أن خيران الذي اعتقل ابن حزم ثم نفاه كان من أشد المعاونين لعبد الرحمن المرتضى الأموي الذي ذكره ابن حزم في قوله، وذلك لأن خيران نقل إليه أن علي بن حمود يريد قتله، فسبقه هذا بإظهار الخلاف عليه، وأرسل يسأل عن بني أمية فدل على عبد الرحمن هذا، وهو عبد الرحمن بن محمد بن عبد الملك بن عبد الرحمن الناصر، وكان قد خرج من قرطبة مستخفياً، ونزل بمدينة جيان، وكان أصاح من بقي من بني أمية، ولقد عاونه ابن حزم حتى كان وزيراً من وزرائه، وخب معه ووضع ولكن الأمر لم يستمر له طويلاً، ولم يكن عنده ولا عند أنصاره ما لدى ابن حمود من قوة وحيلة وحسن تدبير ولذلك اغتيل المرتضى، وانتهى أمره وصار أنصاره عرضة للاضطهاد، والتغريب. بل الأسر والتقييد.
٤ - وهنا نقف وقفة صغيرة. أكانت التهمة التي وجهت إليه من أنه يدعو إلى الأمويين تهمة باطلة. وإنه كان ملتزماً الهدوء التام والانصراف المطلق إلى العلم انصراف الزهاد والأبدال إلى العبادة؟ أم أنه كان له بعض النشاط أو على الأقل المجاهرة بولائهم، يظهر لي أنه على الأقل كانت منه
(١) طوق الحمامة ص ١١٨ طبع القاهرة.
39