31

Ibn Hazm: His Life, Era, Views, and Jurisprudence

ابن حزم حياته و عصره آراؤه وفقهه

Daabacaha

دار الفكر العربي

Goobta Daabacaadda

القاهرة

الفقه أنه شهد جنازة لرجل كبير من إخوان أبيه. فدخل المسجد قبل صلاة العصر، والخلق فيه فجلس. ولم يركع، فقال له أستاذه يعني الذي رباه بإشارة أن قم فصل تحية المسجد، فلم يفهم فقال بعض المجاورين له: أبلغت هذه السن، ولا تعلم أن تحية المسجد واجبة، وكان قد بلغ حينئذ ستة وعشرين عاماً، قال: فقمت وركعت وفهمت إذاً إشارة الأستاذ إلى ذلك. قال: فلما انصرفنا من الصلاة على الجنازة إلى المسجد مشاركة للأحياء من قرابة الميت دخلت المسجد فبادرت بالركوع فقيل لي اجلس اجلس ليس هذا وقت صلاة، فانصرفت عن الميت وقد خزيت ولحقني ما هانت علي به نفسي، وقلت للأستاذ: دلني على دار الشيخ الفقيه المشاور أبي عبد الله بن دجون فدلني فقصدته من ذلك المشهد، وأعلمته بما جرى فيه وسألته الابتداء بقراءة العلم، واسترشدته، فدلني على كتاب الموطأ لمالك بن أنس رضي الله عنه، فبدأت به عليه قراءته من اليوم التالي لذلك اليوم، ثم تتابعت قراءتي عليه، وعلى غيره نحو ثلاثة أعوام، وبدأت المناظرة (١).

٣٣ - هذا الخبر لا يتفق من حيث حد السن المذكورة فيه مع السياق التاريخي الذي ذكرناه، ومثله ما روى عن أبي محمد بن العربي أيضاً عن ابن حزم إذ قال: (إني بلغت هذه السن أي سن ست وعشرين سنة، وأنا لا أدري كيف أجبر (٢) صلاة من الصلوات) (٣).

وإن هذه السن لا تتفق مع السياق التاريخي، ووجه عدم اتفاقهما أنه ثبت أن ابن حزم تلقى عن أحمد بن الجسور الحديث، ومستحيل أن يعرف رواية الحديث، ولا يعرف تحية المسجد، وأيضاً فإنه قد ثبت أن أبا الحسين الفارسي كان يذهب به إلى مجلس كبار العلماء فمستحيل أن يكون مع تلك العناية يجهل تحية المسجد، وإن طبيعة الحياة التي كان يحياها ابن حزم تكذب ذلك، فلقد كان ابن حزم ابن وزير كبير، من كبراء الدولة وقد بلغ سن الرجولة، فلا يمكن أن يكون جاهلا تحية المسجد، لأن ذلك يؤدي

(١) معجم الأدباء = ١٢ ص ٢٤١ - ٢٤٢.
(٢) أجبر الصلاة لعل المراد منه أسجد سجدة السهو التي تجبر الصلاة.
(٣) معجم الأدباء.

31