Ibn Hazm: His Life, Era, Views, and Jurisprudence
ابن حزم حياته و عصره آراؤه وفقهه
Daabacaha
دار الفكر العربي
Goobta Daabacaadda
القاهرة
والقواد، وصارت خلافتهم اسماً لا مسمى له، عندئذ ادعى عبد الرحمن الناصر الخلافة وصار يلقب نفسه بأمير المؤمنين، وكان ذلك اسماً لمن جاء بعده.
وفي عهد عبد الرحمن الناصر هذا بلغ ذلك الإقليم الإسلامي الذروة من العز والسؤدد والرفعة، وأخاف الفرنجة وأرهبهم وامتد سلطانه في البلاد الإسلامية إلى بلاد المغرب.
ولكن ما بعد ارتفاع الشمس في كبد السماء إلا زوالها، فإنه قد سار على الأمر من بعده ابنه الحكم، فنهج منهاجه وسار على سياسته، ولم يدم ملكه طويلاً كأبيه، إذ عاش ست عشرة سنة ملكاً وخليفة، وأبوه قد عاش ملكاً وخليفة خمسين سنة.
ولقد تولى بعد الحكم المستنصر، غلام في التاسعة من عمره، وهذه هي الآفة التي تجيء على الدول، فقد تولى هشام المؤيد، وقد استبد بالأمر دونه المنصور بن أبي عامر، وهو الذي كان من وزرائه أحمد بن سعيد والد ابن حزم، وقد استمرت الأمور بقوة شخصية المنصور تسير على منهاجها حتى توفي سنة ٣٩٢ فكانت الفتن من بعده، وصارت قرطبة مضطربها الفسيح، وابن حزم أول من اكتوى بنارها.
١١١ - وهنا يجب أن نشير إلى أمر كان هو الداء الدوي الذي كان منه البلاء، ذلك أن المسلمين لما فتحوا البلاد الأندلسية قد آوى النصارى إلى وكن حصين في جنبها، فكان ذلك الركن شوكة في جنب الدولة أو بالأحرى كان موضع الداء الكامن، ولم يستأصلوه في قوتهم، لأن الجسم في قوته لا يحس بدائه وإن كان دفيناً، حتى إذا كان الضعف ظهر الداء عقاماً قوياً ثم تغلب على الجسم فأماته، وكذلك كان هؤلاء النصارى الذين آووا في وكن من الأندلس كانوا يكنون، وهم للمسلمين بالمرصاد، فإن رأوا فرصة انتهزوها، وقد وجدوها عقب موت أبي منصور العامري، بل لقد سهل لهم الأمر المختلفون من المسلمين. فاستعانوا بهم بعضهم على بعض، ونشير إلى تلك الوقائع مقرونة بأسماء أصحابها ورؤوسها.
92