88

Ibn Hazm: His Life, Era, Views, and Jurisprudence

ابن حزم حياته و عصره آراؤه وفقهه

Daabacaha

دار الفكر العربي

Goobta Daabacaadda

القاهرة

ومنها :

« ونسيت يا أبا محمد حاشيتك وشيعتك التي صرت رئيس مدارسهم، وكبير أحراسهم، تحدثهم عما كان فيهم من العبر، وتخبرهم بما تعاقب عليهم من الصفاء والكدر، فتارة عن السامري والعجل، وتارة عن القمل والنمل، وطوراً تبكيهم بحديث التيه وطوراً تضحكهم بقوم جالوت وذويه، حتى كأن التوراة مصحفك، وبيت الحزانى معتكفك ».

وقد رد ابن حزم عليه بقوله: « سمعت وأطعت لقوله تعالى: (وأعرض عن الجاهلين) وسلمت وانقدت لحديثه عليه السلام (صل من قطعك، واعف عمن ظلمك) ورضيت بقول الحكماء: (كفاك انتصاراً ممن تعرض لأذاك إعراضك عنه) ». ثم قال شعراً جاء فيه:

كفاني ذكر الناس لي ومآثري ومالك فيهم يا ابن عمي ذاكر
عدوي وأشياعي كثير كذاك من غدا وهو نفاع المساعي وضائر(١)

١٠٥ - هذه صورة من مساجلات ابن حزم الأدبية يرد بها على من هجوه، وإن هذه المساجلة تدل على أمرين:

أولهما - انصراف ابن حزم للعلم فمن هجاه لا يهجوه إلا بكتبه التي ألفها كما رأيت في وصف الكتاب، أي يهاجمه في العلم، ومن يواده يواده لأجل العلم الذي صفا أنفسهما.

ألامر الثاني - أن ابن حزم كان له شيعة تناصره وتعاضده، وكان له طائفة من التلاميذ والأتباع، ولم يكن الجميع له أعداء كما تصور كتابات ابن حيان، فابن عمه يصرح بأن له شيعة ويتهكم بهم، وهو يصرح بأن له أشياعاً وأعداء، ويعتز بالصداقة والعداوة معاً، لأن هذا يدل على كمال شخصيته وأن له كياناً مستقلاً يرضى ويغضب، وينفع ويضر.

وإن هذا ينبئ على أن أبا محمد عاش للعلم، وجاهد للعلم، وخلده العلم بين الخالدين.

(١) الرسالتان في الذخيرة لابن بسام القسم الأول الجزء الأول ص ١٣٦.

88