43

Ibn Hazm: His Life, Era, Views, and Jurisprudence

ابن حزم حياته و عصره آراؤه وفقهه

Daabacaha

دار الفكر العربي

Goobta Daabacaadda

القاهرة

وبالي مضطربُ بما نحن فيه من نبو الديار، والجلاء عن الأوطان، وتغير الزمان، ونكبات السلطان، وتغير الإخوان، وفساد الأحوال وتبدل الأيام، وذهاب الوفر والخروج عن الطارف والتالد، واقتطاع مكاسب الآباء والأجداد، والغربة في البلاد، وذهاب المال والجاه، والفكر في صيانة الأهل والولد، واليأس عن الرجوع إلى موضع الأهل، ومدافعة الدهر، وانتظار الأقدار، لا جعلنا الله من الشاكين إلا إليه، وأعادنا إلى أفضل ما عودنا، وإن الذي أبقى لأكثر مما أخذ، والذي ترك أعظم مما تحيف، ومواهبه المحيطة بنا، ونعمه التي غمرتنا لا تحد ولا يؤدى شكرها والكل منحه وعطاياه؛ ولا حكم لنا في أنفسنا ونحن منه وإليه منقلبنا، وكل عارية راجعة إلى معيرها، وله الحمد: أولاً وآخراً؛ وعوداً وبدءاً(١)

٥٠ - هذه إشارة إلى رحلات ابن حزم، ولم تكن اختيارية في كثير منها، بل كانت إجبارية في أحيان كثيرة، فانتقاله إلى المرية كان طلباً للاطمئنان والاستقرار، وانتقاله من المرية إلى الحصن كان قسراً وقهراً، وانتقاله من منفاه إلى بلنسية كان اختياراً لنصرة الخليفة، ثم عودته إلى قرطبة كانت حنيناً إلى المغانى التي تربى فيها وترعرع.

ويظهر أنه كان في بحبوحة من الرزق، ولم تبلغ به الحال حد الضيق في العيش وإن أخذ منه كل طريف وتالد، وقطعت مكاسب الآباء والأجداد، فقد كانت له ضيعات انتقل إليها في قريته التي كان فيها أجداده التي كانت من أعمال لبلة،

ويظهر أنه كانت له مساكن ملكها ببعض البلاد التي انتقل إليها كالمرية وشاطبة وبلنسية وإشبيلية، وإنه قد كانت عبارات تدل على ذلك في رسالة طوق الحمامة فهو يقول فيها:

((ولعهدى بصديق لى له داره بالمرية، فعنت له حوائج إلى شاطبة، فقصدها وكان نازلا بها في منزل مدة إقامته بها ٠٠)).

(١) طوق الحمامة طبع القاهرة ص ١٥٤،

43