Ibn Hanbal: His Life and Era – His Opinions and Jurisprudence
ابن حنبل حياته وعصره – آراؤه وفقهه
ويشتد في الدفاع عن علي رضي الله عنه عندما يجد أحدًا يمسه أو يمس خلافته، وذلك لأنه في عهد المتوكل قد كثر الطعن في ذلك الإمام العادل سيف الإسلام، إذ كان المتوكل ناصبيًا، أي من الذين يناصبون عليًا العداوة، ويطعنون فيه، فكان أحمد يرد أقوالهم، ويذكر خلافة علي، ومناقبه رضي الله عنه، فيقول: ((إن الخلافة لم تزين عليًا، بل علي زينها))، ويقول: ((علي بن أبي طالب من أهل بيت، لا يقاس بهم أحد))، ويقول: ((ما لأحد من الصحابة من الفضائل بالأسانيد الصحاح مثل ما لعلي رضي الله عنه (١)))
وتراه في هذا يعرف فضل علي رضي الله عنه، ويشتد في الدفاع عن أبي بكر وعمر وعثمان، ويروي فضائل علي في الصحاح، ولكنه عند ترتيب الدرجات يتبع الترتيب الذي وضعه الصحابة لا يعدوه، ولا يتجاوزه، وهو في هذا كشيخه الشافعي يروي فضائل علي، ومناقبه، ويحبه، وعند التفضيل يقدم أبا بكر، ويقول: ((إن الأمر ليس على ما نحب)).
٢٩- ومع هذا الاعتقاد في علي والدفاع عنه، ما كان يسمح لنفسه بالطعن في خصومه من الصحابة، وإن كان يعتقد أنه على الحق رضي الله عنه، سئل عما كان بين علي ومعاوية فقال: ((ما أقول فيهم إلا الحسنى... رحمهم الله أجمعين، ومعاوية، وعمرو بن العاص وأبو موسى الأشعري، كلهم وصفهم الله تعالى في كتابه، فقال: ((سيماهم في وجوههم من أثر السجود))
وكان لا يسمح بالجدل في أيهما كان على الحق، وقد سأله هاشمي عن رأيه فيما جرى بينهما، فأعرض عنه، فلما أعلم بأنه من بني هاشم أقبل عليه بعد الإعراض، وقال له: اقرأ: ((تلك أمة قد خلت لها ما كسبت، ولكم ما كسبتم، ولا تسألون عما كانوا يفعلون))
وتراه في هذا يجل عليًا، ولا يطعن في معاوية، ويقرر أن عليًا كان على الحق عندما يكون الأمر يحتاج إلى بيان فقهي، فقد اتهم الشافعي في حضرته بأنه شيعي، لأنه أخذ أحكام البغاة من قتال علي لمعاوية والخوارج، فيقول أحمد: ((إنه أول إمام من الصحابة ابتلي بالخروج)) فهو يقر بأن أخذ أحكام البغاة من قتال علي لمعاوية ليس فيه
(١) المناقب ص ١٦٣
148