126

Ibn Hanbal: His Life and Era – His Opinions and Jurisprudence

ابن حنبل حياته وعصره – آراؤه وفقهه

على آراء، وإن لم تكن متباعدة، فأبو حنيفة يرى أن الإيمان هو الاعتقاد الجازم، والإذعان، ووجود أمارة حسية تدل على ذلك الاعتقاد، وهذه الأمارة هي النطق بالشهادتين، ولا يعد العمل جزءًا من الإيمان، ولا يعد الإيمان إلا حقيقة مجردة إن وجدت كانت كاملة، فلا يقبل الزيادة والنقصان، فإيمان أبي بكر كإيمان سائر الناس، ولكنه يفضل عليهم بالعمل، وبشهادة النبي صلى الله عليه وسلم له بالجنة كغيره من العشرة الذين بشرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بها، لأن تفاوت المؤمنين في الأقدار بعد ذلك يكون بالعمل والأخذ بالأوامر واجتناب النواهي.

وقال مالك إن الإيمان هو التصديق والإذعان، ولكنه يزيد لأن القرآن الكريم صرح بأن بعض الذين آمنوا قد ازدادوا إيمانًا، وقد كان يقول إنه أيضًا ينقص، ولكنه وجد القرآن الكريم صرح بأن الإيمان يزيد، ولم يصرح بأن القرآن ينقص، فكف.

٥ - أما أحمد بن حنبل رضي الله عنه فهو يقرر في عدة مواضع أن الإيمان قول وعمل، ويزيد وينقص، فقد جاء في كتاب المناقب لابن الجوزي أن أحمد رضي الله عنه كان يقول ((الإيمان قول وعمل، ويزيد وينقص، والبر كله من الإيمان، والمعاصي تنقص من الإيمان، ويقول: صفة المؤمن من أهل السنة والجماعة، من شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدًا عبده ورسوله، وأقر بجميع ما أتت به الأنبياء والرسل، وعقد قلبه على ما ظهر من لسانه، ولم يشك في إيمانه))(١).

ويقول في موضع آخر: «الإيمان قول وعمل، يزيد وينقص، زيادته إذا أحسنت ونقصانه إذا أسأت، ويخرج الرجل من الإيمان إلى الإسلام، فإن تاب رجع إلى الإيمان، ولا يخرجه من الإسلام إلا الشرك بالله العظيم، أو يرد فريضة من فرائض الله جاحدًا لها، فإن تركها تهاونًا بها وكسلًا، كان في مشيئته، إن شاء عذبه، وإن شاء عفا عنه))(٢).

وإن هذا الكلام يستفاد منه أن الحقائق ثلاث: إيمان، وإسلام، وكفر، وأن الإسلام وسط بين الإيمان والكفر، وتشير إلى أن الإيمان لا يكون معه عصيان،

(١) المناقب ص ١٦٥

(٢) المناقب لابن الجوزي ص ١٦٨

125