أموت ولي شوق إليه مبرح
ويرسل ابن عمار بخالدته إلى المعتمد فيقرؤها فيطرب، ثم ينشدها على الجالسين مترنما وقد هملت عبراته وكان بين السامعين أبو الوليد ابن زيدون فحاول جهده أن يجد لنفسه مأخذا إلى القصيدة فتأبت عليه ولكنه استطاع آخر الأمر أن يقول: ما أتفه قول الخائن:
وبين ضلوعي من هواه تميمة
ستنفع لو أن الحمام يجلح
وما يهمنا نحن بما بين ضلوعه؟ ولماذا لم يرع لهذه التميمة حرمة ولكن المعتمد عاجله: بل إنه والله لم يفقد الذكاء وحسن الإشارة، إنه ابن عمار وإن خان، لقد قصد إلى بيت الهذلي:
وإذا المنية أنشبت أظفارها
ألفيت كل تميمة لا تنفع
وهكذا استعصت القصيدة حتى عن ذم الكارهين، وحركت في نفس المعتمد ذكريات قديمة، وكان قد تهيأ لجلسة خمر فأرسل إلى ابن عمار أن يأتي وطلب ممن أرسله ألا يراه أحد وهو قادم بابن عمار، وأخلى المعتمد القاعة وانفض القوم وهم لا يعلمون بما أسره للخادم، ويجيء الصديق الشاعر ويجلس إلى المعتمد ويتذاكران ويتناشدان حتى لتكاد النفوس أن تصفو ويشرق الصباح فيقول المعتمد لابن عمار: إياك، إياك ابن عمار أن تقول لأحد عن جلستنا تلك، إياك ابن عمار وإلا ...
ولا يكمل فقد كان ابن عمار يعرف تماما ما بعدها، وينصرف المعتمد إلى جناح نومه ويعاد ابن عمار إلى السجن والفرحة تكاد تنفجر من فؤاده فلا يملك نفسه أن يمسك الورقة الثانية الباقية لديه، ويكتب إلى الراضي بن المعتمد يخبره أن أباه قد صفح.
وتصل الورقة إلى الراضي وهو جالس بين صحاب فيهم من يبغض ابن عمار ويحقد عليه ولا يكتم الراضي ما جاء به الخطاب بل هو يذيعه.
Bog aan la aqoon