78

تطلق على كل صاحب قريحة خارقة للمألوف في الابتكار والابتداع، سواء كان ابتداعها في الشعر والنثر، أو في التصوير والنحت، أو في الإنشاء والتلحين، أو في العلم أو الصناعة، أو تدبير المال وسياسة الشعوب.

والعبقرية في التعبير العربي الحديث مأخوذة من كلمة عبقر، موضع يقولون إن الجن تسكنه، وإن الصناعات الفائقة كلها تنسب إليه، ومنها صناعة السيوف كما قال امرؤ القيس:

كأن صليل المرو حين تطيره

صليل سيوف ينتقدن بعبقرا

ويقولون إن سكانه أنفسهم موصوفون بالجمال كما قال الأعشى: «كهولا وشبانا كجنة عبقر.»

ويرد بعضهم أن الكلمة مأخوذة من الكلمة الفارسية «آبكار» بمعنى الرونق، وهو بعيد؛ لأن اقتباس كلمة الرونق لا يفسر القصص المنسوجة حول البلد المسمى بعبقر، ولا يوجد في الأصل الفارسي ما يوحي بهذه القصة، أو يوحي بأسباب اقتباس الكلمة على حسب العرف المأثور في هذه المقتبسات.

وتذكر كلمة «عبقري» وصفا للنفاسة بغير نظر إلى اشتقاقها من المكان المزعوم، كما جاء في سورة الرحمن من القرآن الكريم:

متكئين على رفرف خضر وعبقري حسان . •••

ومن التعبيرات المتشابهة بين اللغات وصف الإبداع بالإعجاز، ووصف الإعجاز تارة بالدقة التي تخفى أسرارها على غير ذوي الفطنة، وتارة بالفخامة التي تتعاظم العاملين من غير ذوي العزم والقدرة الخارقة.

يقال ذلك في البلاغة ومعانيها الخفية وفطنتها النافذة إلى الخبايا والأعماق.

Bog aan la aqoon