ويذهب به إلى بيته، ففزع لذلك أناس آخرون من الذين حضروا للصلاة، وما إن وصل الشيخ إلى بيته حتى أغمي عليه، ثم أفاق بعد ذلك وذكر الله وأثنى عليه وحمده، وتكلّم مع الموجودين عنده بكلام حسن، وبعد ذلك عاوده الإغماء مرة أخرى فلم يتكلم.
وفي الصباح قرر الطبيب بعد الكشف أن هناك نزيفًا في المخ، وقال: إن لم يدرك العلاج سريعًا فإنَّه معرَّض للموت، فهرع أهل عنيزة لذلك، وقاموا بإرسال برقية إلى جلالة الملك ((فيصل بن عبد العزيز آل سعود)) عاجلة جدًا فأصدر أمره بعدها بأن تقوم طائرة فيها مهرة من الأطباء إلى مدينة عنيزة، لكن الطائرة لم تستطع الهبوط في المطار لأن السماء كانت ملبدة بالغيوم، وكان الرعد والبرق والريح شديدًا، فتأخرت جدًا في الهبوط، وكان قضاء الله على الشيخ قد سبق كل شيء، فتوفي - رحمه الله - قبيل فجر يوم الخميس الموافق ٢٢ جمادى الآخرة سنة ست وسبعين وثلاثمائة وألف (١٣٧٦ هـ).
وما أن علم الناس بوفاة الشيخ حتى أصيبوا بذعر وحزن شديد، فسالت الدموع، وحزنت القلوب، وبكى الصغير والكبير والقريب والبعيد، وكان ذلك اليوم مشهوداً في تاريخ مدينة عنيزة لما صاحب ذلك اليوم من حزن، وكان يومًا لا تکاد الأقلام تعبر فیه عمَّا تکنه الصدور، فكان يومًا لا يوصف، لما كان فيه الناس من الأحوال السيئة لوفاة هذا الشيخ الجليل.
ثم صُلي عليه بعد صلاة الظهر في الجامع الكبير بعنيزة يوم الخميس، وكان الناس في حشد عظيم امتلأ الجامع بهم، ولم تشهد عنيزة من قبل تلك الجموع من المصلين الوافدين والمشيعين للصلاة عليه، وبدأ الناس يدعون له بالرحمة والمغفرة والرضوان، ولما انتهوا من الصلاة عليه حملوه فوق الأعناق فكانوا يتسابقون لحمله وكانت الشوارع مزدحمة وملأى بالناس، ليشهدوا الصلاة والدفن.