أكفاءٌ كرامٌ، وإنما نريدُ بني عمّنا.
فبرزَ لهم عليٌّ وعبيدة بن الحارث وحمزة ﵃، فقَتَلَ عليٌّ الوليدَ، وقَتَلَ حمزةُ عتبة، وقيل: شيبة، واختلف عُبيدة وقِرْنُه بضربتين، فأجهد كل منهما صاحبَهُ، فَكَرَّ حمزةُ وعليٌّ فتمَّما عليه، واحتملا عُبيدة وقد قُطِعَتْ رجلُهُ، فلم يزل طَمِثًا (^١) حتى مات بالصَّفراء ﵁.
ثم حَمِيَ الوطيسُ، واشتدَّ القتالُ، ونزلَ النَّصرُ، واجتهد رسُولُ الله ﷺ في الدُّعاء، وابتهلَ ابتهالًا شديدًا، حتى جعل رداؤه يسقُط عن منكبيهِ، وجعل أبو بكرٍ يُصلحه عليه، ويقول: يا رسُولَ الله! بعض مناشدَتك ربك (^٢)، فإنه منجزٌ لك ما وعدك.
ورسُولُ الله ﷺ يقول: «اللهم إن تَهلِك هذه العصابة لا تعبد في الأرضِ»، فذلك قوله تعالى: ﴿إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ﴾ [الأنفال: ٩]، ثم أَغْفَى رسُولُ الله ﷺ إغفاءةً، ثم رفعَ رأسه وهو يقول: «أَبشرْ يا أبا بكرٍ، هذا جبريلُ على ثناياه النقعُ»».
الكلام عليه من وجوه:
١ ــ مبارزة عليّ وحمزة وعبيدة ﵃ لعتبة وشيبة والوليد مخرجة في سنن أبي داود بإسناد صحيح (^٣). وفيه دليل على جواز المبارزة خلافًا لمن أنكرها، وشرط
(^١) ينزف دمًا.
(^٢) هكذا في نسخ الفصول المطبوعة، والذي في الصحيح: "كفاك مناشدتك ربك". صحيح مسلم «١٧٦٣».
(^٣) صححه الألباني في صحيح أبي داود «٢٦٦٥»، وشعيب الأرناؤوط في تحقيقه لسنن أبي داود.