قال ابن الأنباري: أراد: لا بقاء ولا خلود (١).
ومن ثَمَّ جاء في دعاء النَّبيِّ ﷺ: "اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْألكَ صِحَّةً فِيْ إِيْمانٍ، وإيْمانًا فِيْ حُسْنِ خُلُقٍ، وَنَجاحًا يَتْبَعُهُ فَلاحٌ"، كما رواه الطبراني في "الأوسط" (٢).
النجاح: الظَّفَرُ بالخير.
والفلاح: البقاء فيه.
وكأن في هذه الآيات ردًا على قول المتخلف المبطئ: ﴿يَا لَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾ [النساء: ٧٣]، كما قال الله تعالى: ﴿وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَّ فَإِنْ أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَالَ قَدْ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيَّ إِذْ لَمْ أَكُنْ مَعَهُمْ شَهِيدًا (٧٢) وَلَئِنْ أَصَابَكُمْ فَضْلٌ مِنَ اللَّهِ لَيَقُولَنَّ كَأَنْ لَمْ تَكُنْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ يَا لَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾ [النساء: ٧٢، ٧٣] فبيَّن الله تعالى بقوله، ﴿ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾ [الصف: ١٢] وقوله: ﴿وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾ [التوبة: ١١١].
أنَّ الفوز إنَّما هو فوز الآخرة دون مغانم الدُّنيا ومكاسبها.
على أنَّ أهل الآخرة لا يحرمون من عاجل فضل الله تعالى، ولذلك
(١) انظر: "الزاهر في معاني كلمات الناس" لابن الأنباري (١/ ٣٨).
(٢) رواه الطبراني في "المعجم الأوسط" (٩٣٣٣)، والإمام أحمد في "المسند" (٢/ ٣٢١)، والنسائي في "السنن الكبرى" (١٠٤٠٤) عن أبي هريرة، قال الهيثمي في "جمع الزوائد" (١٠/ ١٧٤): رواه أحمد ورجاله ثقات.