ذكر من نزل مصر من أولاد آدم ﵊:
قال أحمد بن يوسف التيفاشي (١) في كتابه سجع الهديل في أوصاف النيل: ذكر أئمة التاريخ أن آدم ﵊ أوصى لابنه شيث، فكان فيه وفي بنيه النبوة، وأنزل الله عليه تسعًا وعشرين صحيفة، وأنه جاء إلى أرض مصر، وكانت تدعى باب لون، فنزلها هو وأولاد أخيه، فسكن شيث فوق الجبل وسكن أولا قابيل أسفل الوادي. واستخلف شيث ابنه أنوش، واستخلف أنوش ابنه قينان، واستخلف قينان ابنه مهليائيل واستخلف مهليائيل ابنه يرد، ودفع الوصية إليه، وعلمه جميع العلوم، وأخبره بما يحدث في العالم، ونظر في النجوم وفي الكتاب الذي أنزل على آدم، وولده ليرد أخنوخ، وهو هرمس، وهو إدريس النبي ﵊؛ وكان الملك في هذا الوقت محويل بن خنوخ بن قابيل، وتنبأ إدريس وهو ابن أربعين سنة، وأراده الملك محويل بن أخنوخ بن قابيل بسوء فعصمه الله، وأنزل عليه ثلاثين صحيفة، ودفع إليه أبوه وصية جده، والعلوم التي عنده. وولده بمصر، وخرج منها، وطاف الأرض كلها، وكانت ملته الصابئة، وهي توحيد الله والطهارة والصلاة والصوم وغير ذلك من رسوم التعبدات. وكان في رحلته إلى المشرق أطاعه جميع ملوكها، وابتنى مائة وأربعين مدينة أصغرها الرهائم ثم عاد إلى مصر فأطاعه ملكها، وآمن به، فنظر في تدبير أمرها، وكان النيل يأتيهم سيحًا، فينحازون من مساله إلى أعالي الجبل والأرض العالية حتى ينقص، فينزلون فيزرعون حيثما وجدوا الأرض ندية وكان
_________
(١) هو أحمد بن يوسف بن أبي بكر التيفاشي؛ توفي سنة ٦٥١، ذكره صاحب الديباج المذهب ص٧٤.
1 / 30