أمر ابن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أصحابه بالنزول في تلك البقعة القاحلة الماحلة ، والتي تعرت من الكلا وعلى غير ماء ، وصار يخبر أهل بيته وأصحابه أن هذه تربتي التي أقتل وأدفن فيها. ذكر القرماني (1)، عن الدميري : أنه لما وصل الحسين (عليه السلام) بركبه إلى هذه البقعة سأل عن اسم المكان ، فقيل له : كربلاء ، فقال : «كرب وبلاء ، لقد مر أبي بهذا المكان عند مسيره إلى صفين وأنا معه ، فوقف وسأل عن هذا المكان ، وقال : ها هنا محط ركابهم ، وها هنا مهراق دمائهم. فسئل عن ذلك ، فقال : نفر من آل محمد (صلى الله عليه وآله) يقتلون ها هنا». ثم أمر بأثقاله فحطت في ذلك المكان. والأحاديث في ذلك مستفيضة ، والتي سمعها من جده المصطفى بقتله في كربلاء أكدت له ذلك ؛ هذا جابر بن عبد الله الأنصاري سمع من رسول الله (صلى الله عليه وآله) ذلك ، ومثله ام سلمة (رضي الله عنها)، وهكذا أبوه علي (عليه السلام) سمع من النبي (صلى الله عليه وآله)، وحدث هو بقتله. وتخبرنا ام الفضل كما هو المروي عنها ، قالت : دخلت على رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقصصت عليه حلما منكرا في ليلتها ، فقال (صلى الله عليه وآله): «ما هو يا ام سلمة؟». قلت : إنه شديد. قال (صلى الله عليه وآله): «ما هو؟». قالت : رأيت قطعة من جسدك قطعت ووضعت في حجري. فقال (صلى الله عليه وآله): «خيرا رأيت ، تلد فاطمة إن شاء الله غلاما فيكون في حجرك». قالت : فولدت فاطمة الحسين (عليه السلام) فكان في حجري كما قال (صلى الله عليه وآله). قالت : فدخلت يوما عليه (صلى الله عليه وآله) وأنا أحمل الحسين (عليه السلام) فوضعته في حجره ، ثم حانت مني التفاته فإذا عيناه تهرقان دموعا ، فقلت : يا نبي الله ، بأبي أنت وامي! ما بالك؟ فقال (صلى الله عليه وآله): «أتاني جبرئيل فأخبرني أن أمتي ستقتل ابني هذا بالطف». فقلت : هذا؟ قال : «نعم ،
Bogga 143