يا حسين ، سنشكوك إلى الله تعالى يوم القيامة إذا لم تلب طلبنا ، وتقوم لنجدة الإسلام. وكيف والحسين ذو حمية دينية ونخوة إسلامية ، والمفاسد تترى أمام عينه؟ كيف لا ولا يقوم بتلبية النداء؟ وعلى هذا الوضع لبى النداء كما تأمر به الشريعة الإسلامية ، فنجا العراق كما قال الشاعر :
فجشمها نحو العراق تحفه
مصاليت حرب من ذؤابة هاشم
قلت : ينحو نحو الشيء : قصده. والعراق : علم لأرض بابل ، القطر المعروف. قال الخليل : العراق : شاطئ البحر. وسمي العراق عراقا ؛ لأنه على شاطئ دجلة والفرات مدا حتى يتصل بالبحر على طوله. قال : وهو مشبه بعراق القربة ، وهو الذي يثنى منها فتخرز. وقيل : سميت بذلك لاستواء أرضها حين خلت من جبال تعلو وأودية تنخفض. والعراق : الاستواء في كلامهم. قال الشاعر :
سقتم إلى الحق معا وساقوا
سياق من ليس له عراق
قال الحموي (1): والعراق أعدل أرض الله هواء ، وأصحها مزاجا وماء ؛ فلذلك كان أهل العراق هم أهل العقول الصحيحة ، والآراء الراجحة ، والشهوات المحمودة ، والشمائل الظريفة ، والبراعة في كل صناعة مع اعتدال الأعضاء ، واستواء الأخلاط ، وسمرة الألوان. وهم الذين أنضجتهم الأرحام فلم تخرجهم بين أشقر وأصهب وأبرص ، كالذي يعتري أرحام النساء الصقالبة في الشقرة ، ولم يتجاوز أرحام نسائهم في النضج إلى الحراق كالزنج والنوبة والحبشة الذين حلك لونهم ، ونتن ريحهم ، وتفلفل شعرهم ، وفسدت آراؤهم وعقولهم ، فمن عداهم بين خمير لم ينضج ، ومجاوز للقدر حتى خرج عن الاعتدال. قال : وأقليم بابل موضع التميمة من العقل ، وواسطة القلادة ، ومكان اللبة من المرأة الحسناء ، والمحة من البيضة ، والنقطة من (البركار). ولقد أكثر الشعراء في مدح العراق ، قال بعضهم :
إلى الله أشكو عبرة قد أظلت
ونفسا إذا ما عزها الشوق ذلت
Bogga 14