Huruf Latiniyya
الحروف اللاتينية لكتابة العربية
Noocyada
ولا يفوتني في هذا الصدد أن أشير إلى عبارة قالها لي أحد زملائنا الأفاضل؛ هي أن الحروف اللاتينية لم تضبط طريقة أداء كل المخارج في الألفاظ التركية. وهذا اعتراض صحيح، أساسه واضح؛ وهو أن الأتراك لم يضعوا لكل نغمة الحرف الصحيح الدال عليها ويأخذوه، سواء من العربية أو الفارسية أو غيرهما.
3
أما الضرر الحقيقي الذي أشار إليه سعادة الوزير فقد قلت له: «إنه ضرر حقا، ولكنه موقوت، وعلاجه من أيسر ما يكون؛ هو إنفاق مبلغ من المال لطبع أمهات المعاجم اللغوية، وأمهات كتب العلم والأدب والفنون بالرسم الجديد، وإن بيد حكومتكم التعجيل بالإنفاق فيقصر عمر هذا الضرر، أو التأخر في الإنفاق فيطول عمره.» فقال: «هذا صحيح، ولكنا شغلنا عنه مؤقتا بأمر آخر، وهو تنقية اللغة التركية مما فيها من الألفاظ العربية والفارسية، والبحث عن ألفاظ قديمة من لغتنا الطورانية لاستبدالها بها. وهذا المشروع قد فشلنا فيه نهائيا؛ فإنا إذا كنا قد عثرنا فعلا على كثير من الألفاظ الطورانية القديمة تقوم في دلالتها مقام الألفاظ التي أردنا الاستغناء عنها، إلا أن الجمهور أبى استعمالها لغرابتها عنده، ولزم الألفاظ العربية والفارسية التي اعتادها، ولا وسيلة لإكراه الجمهور في ألفاظ اللغة وأساليبها على ما لا يريد.»
اعتذار واستئناس
قد يقول النابهون فيكم - وكلكم نابهون - قد يقولون أسرفت فأوجز، وبين طريقتك التي ما سمعنا بها في آبائنا الأولين، واقصص علينا كيف نفعل وفي العربية نغمات أصوات لا تؤديها تلك الحروف اللاتينية التي تريدنا عليها، وقد قلت فيما قلت إنها لم تف بمطالب كل النغمات الصوتية في التركية؟
حلمكم أيها الرجال! إني لم أسرف، ولكني حقا أمللتكم وكدت أذهب بصبركم. وعلة هذا الملل - كما يدركه من كان في مركزي أمامكم - أن لكل تجديد غضة، وفي كل خارج عن المألوف غضاضة، وإنما تنجع المقالة في المرء إذا صادفت هوى في الفؤاد. على أني لولا ثقتي بأن مهمتكم هنا هي الإصلاح ما استطعتم، وأنكم في سبيله أحرار الضمائر، متسلبون من كل تعصب لعادة أو تمسك بقديم، متى وضح لكم وجه المصلحة في الجديد، لولا هذه الثقة وأني آوي من سماحتكم إلى ركن شديد، لما عنيت نفسي قط بعرض فكرتي عليكم.
هاكم طريقتي، منها تعلمون أن تلك العقبات التي تشيرون إليها إنما هي عقبات وهمية، وأن ما قد يعترض من هنات بسيطة هو مذلل تمام التذليل.
بيان الطريقة
إن في اللغة العربية ثلاث عشرة نغمة صوت جوهرية، كلها خاصة بها إلا ما ندر، وكل منها يؤديه حرف هجائي مفرد، ولا تؤدي حروف الهجاء اللاتينية المفردة شيئا منها، وهي نغمات: «الهمزة، الثاء، الجيم، الحاء، الخاء، الذال، الصاد، الضاد، الطاء، الظاء، العين، الغين، القاف».
أما حرف الهمزة فإنه إنما ينطق به عرضا في اللغات اللاتينية الحروف، في أول كل كلمة مبدوءة بحرف من حروف الحركة، وهو عرض ملازم؛ لأن حرف الحركة إنما يشخص نبرة هوائية مطلقة خالية عن التركز والانضباط؛ فهي من قبيل النفس الخارج من الرئتين لا تكيفه الأحبال الصوتية، ولا أعضاء الفم والحلق التي تضبط مخارج النغمات الصوتية الجوهرية وتميز أنواعها. ولذلك لا تجد عندهم حرفا خاصا يشخص هذه الهمزة العرضية. على أنه لا يهمنا أن تكون الهمزة عندهم عرضا ملازما، أو فصلا منطقيا هو جزء من ماهية حرف الحركة، يجعله حرفا جوهريا متى ابتدأت به الكلمة. لا يهمنا هذا فيما نحن بسبيله أصلا. لكن الهمزة في العربية حرف جوهري أصيل، تجب - مبدئيا - كتابته برسمه الخاص، سواء أكان ملفوظا به في أول الكلمة أم كان ملفوظا به في وسطها أو في آخرها، إلا ما سيتلى بعد.
Bog aan la aqoon