Dagaallada Dawladda Rasuulka (Qaybta Koowaad)
حروب دولة الرسول (الجزء الأول)
Noocyada
وبسبيل مزيد من الحفاظ على المكاسب ودوامها، تمكن الملأ القرشي من تنظيم أسواق بعينها، في هيئة مواسم منظمة بمواقيت ومواسم المحاصيل، سواء في الجزيرة أو شرق أفريقيا أو الهند، ووفق خطوط الرياح في المحيط الهندي، وموعد وصول شحنات البحر من الهند وشرق أفريقيا إلى موانئ الساحل اليمني، ووقت الطلب الشمالي لتلك البضائع والسلع بتقدير دقيق، يأخذ في اعتباره أصغر العوامل، حتى طبيعة المناخ وموجات الحرارة والبرودة، مع تحريم مواقيت تلك الأسواق إيمانيا ومصلحيا، لضمان الموسم الأكبر (موسم الحج)، الذي تجمع فيه مواد بضائع الساحل اليمني وأسواق الجزيرة الداخلية، لتشق رحلتها الصيفية إلى الشمال، بحيث أصبحت أشهر الحج والسفر الصيفي أشهرا حراما. ثم كان في الإمكان - للمصلحة التجارية، وحسب ظروف تطرأ أحيانا، وحسب الطلب، وتغير مواقيت السنة العربية القمرية مع السنة الشمسية الزراعية المحصولية، ولضبط الأشهر الحرام القمرية مع الرحلتين ومواسم الحصاد - تحريك تلك المواقيت، ونقل الأشهر من مواضعها بالإزاحة، فيما يعرف بنظام النسيء.
15
ولمزيد من الضمانات، نظم الملأ نواة أولى لقوات مسلحة من العبيد، ومن الأحابيش، كانت مهمتهم الأساسية حماية أصحاب رءوس الأموال والشخصيات الكبرى، وحراسة بيوت رجال الملأ، ثم المهمة الأساسية، وهي حراسة القوافل التجارية.
وعليه؛ فقد أخذت مكة - بتسارع - تتحول إلى حاضرة، تتناقض مع البداوة والقبلية في داخلها، كما تتناقض مع المحيط المتشرذم حولها في جزيرة العرب؛ ومن ثم كان ضروريا أن تمر مكة بتحولات بنيوية هائلة، في تركيبتها الاجتماعية، والاقتصادية، والسياسية، التي انتهت بها من قبائل متشرذمة، إلى قبائل متقرشة، خاضعة لرجال الندوة من حكومة الملأ، لتنضج - باشتراك المصالح - تقريشها، إيلافا على محيطها القبلي في الجزيرة، وبخاصة القبائل التي ألفها طريق الإيلاف الأكبر.
المتغير الاجتماعي
يسوق «ابن سعد» في طبقاته خبرا، يوافقه عليه جميع رواة السير والأخبار، والخبر يقول: إنه حين تغلبت قريش على خزاعة، وتسلم «قصي بن كلاب» - بعد أن كثر ماله وعظم شرفه - زعامة قبائل مكة المتحالفة معه، التي تقرشت، قطع «قصي» مكة أرباعا بين قومه، فأنزل كل قوم من قريش منازلهم.
16
وقد ذهب الكاتب «برهان الدين دلو» مذهب الباحث «حسين مروة»، في تحديد المغزى التاريخي لهذا الحدث، بأنه «كان تصنيفا اجتماعيا لسكان، مكة بطون قريش وحلفائها، روعي فيه الوضع المالي دون العرف القبلي؛ إذ جعلهم صنفا ممتازا أدنى أسكن في الظواهر، وهم قريش الظواهر، وكانت قريش الظواهر متبدية أو شبه مستقرة.»
17
وقد ركن الكاتب هنا، في تقديره لسوء أحوال «قريش الظواهر» المادية، إلى تقرير الباحث المؤرخ «جواد علي» في مفصله عن تاريخ العرب قبل الإسلام.
Bog aan la aqoon