Dagaallada Dawladda Rasuulka (Qaybta Koowaad)
حروب دولة الرسول (الجزء الأول)
Noocyada
فقيرا، ومن موت تدب عقاربه
وفي ضوء الحاجة لليد العاملة في خدمة آلة الاقتصاد الجديد، بدأت بلاد العرب تعرف النظام العبودي، وكان مصدره السبي والنخاسة وعبودية الدين، حتى جاء وقت أصبحت تجارة العبيد بمكة تجارة منتظمة، تأتي بهم من سواحل أفريقيا الشرقية، وهم الطائفة السوداء، ومنهم من كان يشترى من بلاد فارس والروم وهم الطائفة البيضاء، لاستخدامهم في حراسة القوافل وأعمال الري الصناعي والزراعة والحرب. وليس أدل على كثرة هؤلاء العبيد من أن «هندا بنت عتبة» أعتقت في يوم واحد أربعين عبدا من عبيدها، كما أعتق أبو أحيحة سعيد بن العاص مائة عبد؛ اشتراهم وأعتقهم.
ومع النظام العبودي انتشرت عادة التسري بالإماء، فكان للرجل أن يهب أو يبيع أو ينكح أمة أو يجعلها مادة للكسب بتشغيلها في البغاء، ثم يأخذ ناتجها المولود ليباع بدوره.
وعندما جاء الإسلام حرم البغاء، ولكنه أبقى على نظام ملك اليمين ضمن ما أبقى عليه من أنظمة الجاهلية وقواعدها المجتمعية، ولكنه رغب في العتق وحض عليه.
لكن؛ علينا هنا أن نكون حذرين، فالمرحلة كانت مرحلة بدء، وكل تلك التطورات لم تكن تعني تفجيرا كاملا ومبرما للقديم؛ لأنه بقليل من الجهد، يمكننا - ونحن ندرس مجتمع مكة تحديدا - أن نلحظ المحتوى الطبقي الجديد، وهو يتخفى برداء أو شكل قبلي عصبي عشائري قديم، بمعنى أن الجديد قد تزيا بالقديم. وسعت كل مجموعة من الأثرياء إلى ربط أفراد قبيلتها بهم وبمصالحهم، بالعطاء والمنح، وإشراك صغار تجار القبيلة في قوافلهم التجارية، مما أسفر في المجتمع المكي تحديدا عن محتوى طبقي يتخفى داخل نسق عشائري، تمثل في انقسام المجتمع القرشي إلى حزبين كبيرين قبليين، بين أبناء العمومة، أو إلى طبقتين ولكن بملامح وقسمات قبلية، يمثلهما البيت الأموي الثري، والبيت الهاشمي الذي غلب عليه الفقر، وبخاصة في بيت عبد المطلب. وإن كان من العلمية التوضيح أن ذلك الانقسام بدوره لم يكن تام التحديد بفواصل قاطعة مانعة، بل كان يتضمن بعض التداخل الطبقي بين العشيرتين، فضمت الطبقة الثرية أفرادا من هاشم، مثل العباس بن عبد المطلب، وأبو لهب «عبد العزى»، يشاركون أمية المصلحة الطبقية؛ ولذلك فإن المحتوى، وإن تغير، فقد ظل يتخفى بأردية عصبية النسق، وظل الشكل القديم محافظا مع تغير المحتوى. لقد كانت المرحلة مرحلة بدء؛ بدء تحول، بدء طور انتقالي.
ويمكن للمطالع في تلك المرحلة، أن يلحظ أمرا له مغزاه، فسيجد فقر هاشم وبني عبد المطلب طارئا جديدا، وهو ما يدفع إلى افتراضه متصلا بالمنافسة التجارية التي يقع فيها البعض بالضرورة خاسرا، كما يفترض اتصاله بالصراع بين البيتين الهاشمي والأموي، الذي يضرب بجذوره في الماضي إلى أيام الجد «قصي بن كلاب»، وهو الصراع الذي استعر حول حيازة ألوية التشريف السيادية، والتي بلا جدال كانت سلطوية في بعض مناحيها كما في لواء «الندوة» ولواء «اللواء»، وهي الألوية التي استحر صراع حرور حولها لأنها كانت عاملا حاسما في القسمة الطبقية. وبينما اعتمد الأمويون في تقوية سلطتهم ونفوذهم على مزيد من التراكم الثروي، وعقد الموادعات والتحالفات التي تضمنها المصالح المادية المشتركة مع قبائل أخرى، فإن الهاشميين لجئوا إلى كسب مزيد من التشريف وألويته بتكتيك آخر، زاد في فقدهم للأساس المادي باستمرار، لكنه كان منحى يهدف إلى كسب ولاء القبائل بالعطاء والبذل، لكسب الشرف الرئاسي بالجود والفضل. فهذا هاشم، يضع ثروته جميعها تقريبا في قافلة قوامها الزاد، لفقراء مكة والقبائل، في سنوات المجاعة المسنتة، وقام يهشم الثريد باللحم للجوعى بيديه، لذلك لقب هاشما، أما اسمه الحقيقي فكان «عمرا»، وفي ذلك يقول «ابن كثير»: ... هاشم واسمه عمرو، سمي هاشما لهشمه الثريد مع اللحم لقومه في سني المحل، كما قال مطرود بن كعب الخزاغي في قصيدته ...
عمرو الذي هشم الثريد لقومه
ورجال مكة مسنتون عجاف
سنت إليه الرحلتان كلاهما
سفر الشتاء ورحلة الأصياف
Bog aan la aqoon