Dagaallada Dawladda Rasuulka (Qaybta Koowaad)
حروب دولة الرسول (الجزء الأول)
Noocyada
ونستعيد مشهد خروج أهل مكة من البداية، فهم يخرجون استجابة لاستغاثة «أبي سفيان»، لنجدة تجارتهم القادمة من الشام والتي عرض لها المسلمون، ليتغير الأمر فجأة، بعد أن خرج المكيون في طريقهم لإنقاذ القافلة، فتأتيهم رسالة ثانية من «أبي سفيان» «إنما خرجتم لتمنعوا عيركم ورجالكم وأموالكم، فقد نجاها الله فارجعوا.»
4
فيزمعون العودة إلى مكة بعد أن هدأ ما بالنفس من حرور واستنفار، بنجاة أموالهم ورجالهم من حراس القافلة السفيانية. لكن ليهتف «أبو الحكم بن هشام»: «والله لا نرجع حتى نقدم بدرا فنقيم بها، ونطعم من حضرنا من العرب، فإن لن يرانا أحد من العرب فيقاتلنا.»
5
فيعود الركب مرة أخرى موجها وجهه نحو بدر، ليستعيد تثبيت الهيبة القرشية، بحفل يسمع به جميع العرب، فيهابون قريشا بعدها أبدا ، وتتأرجح أحوال القرشيين النفسية مع كل موقف جديد، ليجد جديد آخر، وقد وجهوا وجهتهم نحو بدر، فتنخزل عنهم بنو زهرة، أخوال النبي عليه الصلاة والسلام المباشرون، وأهل «آمنة بنت وهب»، التي تركته طفلا يتيما، وهم من يمثلون ثلث عدد الخارجين، ويعودون إلى مكة مكتفين من المغنم بنجاة تجارتهم ورجالهم، راغبين عن الحفل السامر الذي دعا إليه «أبو الحكم»، والذي تحول مع الأخبار القادمة مع المتجسسين والعيون، إلى أرق وترقب لما ينتظرهم ببدر، وهنا تأتيهم ضربة أخرى بانخزال آخر، كان سببه ثقتهم السريعة في الشيطان «سراقة بن مالك» الزعيم الكناني، الذي طمأنهم من ناحية بني بكر بن كنانة، وأن كنانة البكريين لن يأتوهم بشيء يكرهونه رغم ما كان بينهم وبين قريش من ثأر، بل ويخرج معهم «سراقة» إلى حفلهم البدري، تأكيدا لمقدم كنانة جميعا خلفه لدعم قريش، ثم يفلت مع الوصول إلى بدر عائدا، ليردد لسان «أبي الحكم» الذي حاز لقب «أبي جهل»، محاولا تخفيف الأثر النفسي لانخزال سراقة عنهم بقوله: «يا معشر الناس، لا يهولنكم خذلان سراقة بن مالك، فإنه كان على ميعاد مع محمد.»
6
وهنا لا يغيب على فطن، أن بني بكر بن كنانة، كان لهم قبل بدر موادعة مع النبي عليه الصلاة والسلام، بعد أن جرد عليهم غزوته في صفر، من آخر أيام العام الهجري الأول.
وما بدأت المعركة فعليا، إلا وكانت قريش محطمة معنويا بالتمام، بعدما رأت ثلاثة من أشرافها وشيوخها ورجال الملأ المقدمين، يتضرجون في دمائهم في مبارزة سريعة، فقتل الشيخ الجليل - بتعبير كتب السير الإسلامية - «عتبة بن ربيعة»، وأخوه «شيبة بن ربيعة»، وابنه «الوليد بن عتبة»، في لحظات، لتبدأ المعركة الساخنة، مع نداء النبي لرجاله: شدوا.
ويبدو أن الكثرة العددية للقرشيين، مقارنة بعدد المسلمين، كانت مدعاة في نظر البعض لعدم البحث عن أي ظرف آخر لهزيمة قريش، فهي المعجزة. ولا جدال عندنا أنها معجزة انتهت بانتصار الفئة القليلة على الفئة الكثيرة بإذن الله، لكن مع الأخذ في الحسبان أن تلك الكثرة القرشية، كانت تحتوي على تناقض صارخ في الأعمار مع القلة الإسلامية، حيث كان الجمع القرشي يحوي الأشراف والأجلة من شيوخ قريش، مقابل جيش إسلامي يضم في معظمه شبابا كله فتوة، مع رجال يثرب المتمرسين بالحرب المتترسين بالحلقة.
وهذا بالطبع ما يمكن إضافته جميعا إلى عدم ثقة قريش في عدالة موقفها، من حيث قياسه على محك العرب في العدل، وإن اتفق مع مقاييس المصالح، وتثبيت الهيبة كأغراض أساسية، وهو الأمر الذي كان غير موافق لرغبة جميع القرشيين، فانقسموا حوله في الرأي بعد نجاة تجارتهم. هذا ناهيك عن الخوف القرشي من إصابة أحد من العشيرة، أو سفك دم أحد من بني العمومة أو الإخوة.
Bog aan la aqoon