Xorriyadda Aadanaha iyo Cilmiga: Dhibaato Falsafadeed
الحرية الإنسانية والعلم: مشكلة فلسفية
Noocyada
أي أن الحرية هي أن تنقطع الذات عن ماضيها ومستقبلها وعالمها ومجتمعها وقيمها، وتعدم كل هذا وتلاشيه، فتبقى منعزلة مهجورة وحيدة قلقة تعاني الحصر والعي والغثيان، على الإجمال، مغتربة تنعى جدها العاثر.
وعودا على بدء، نتساءل كيف وصلت الوجودية إلى كل هذه الدرجة من الاغتراب؟ ذلك لأنها بدأت مع أبيها سورين كيركجارد برفض شهادة العلم؛ لأنها تشاؤمية تسد الطريق على الحرية، ولما كان كيركجارد
53
قد أسس الوجودية بالتأكيد على نفي أو تعديل أو هجران كل ما يعارض شعور الإنسان الذاتي بالحرية، فقد رفضوا تدخل العلم، «وكأن الوجوديين في عدم ترحيبهم بكل ما يحط من شأن دليل خبرتهم الذاتية بالحرية على عناد مع هيوم وكانط في عدم ترحيبهما بكل ما يحط من شأن شهادة العلم الطبيعي في عصرها»،
54
الرومانتيكية والعقلانية، كل كائن في شطر من الشطرين اللذين انقسم إليهما العقل «إبستمولوجيا » والعالم «أنطولوجيا»، ألم نقل عودا على بدء؟
وأخيرا إذا كان الاتجاه السائد الآن بين المفكرين المعاصرين هو العزوف عما يعنينا في هذا البحث، أي عزوف عن الخوض في أساس الحرية أو الحرية الأنطولوجية، والاهتمام فقط بتمثيلاتها العينية الجزئية البعدية، كالحرية السياسية والاجتماعية ... إلخ؛ فذلك لأن إحكام قبضة العلم على العالم، قد أفقدهم أي أمل في البحث عن أساس الحرية فيه، لقد جعلهم هذا مغتربين، من حيث جعل الحرية الأنطولوجية كائنا أشد غربة من كل الغرباء.
وبعد، كان هذا تتبعا للآثار الوبيلة لمعضل الحرية الإنسانية/العلم، والذي تخلق مع الفلسفة الحديثة المواكبة للعلم الحتمي، وقد انتهى الأمر بشيزوفرينيا جعلت الحرية قرينة اللاعقلانية، أوليست الحتمية هي صلب العلم ... تاج العقلانية، من المستحيل إذن أن ننظر إلى هذا العالم نظرة عقلانية ونقر بالحرية الإنسانية، إما أن نكون لاعقلانيين غير معترفين بالعلم وأحكامه ورؤاه! وإما أن نكون محض تروس في الآلة الكونية العظمى.
إن الاقتران بين الحرية الإنسانية وبين الاتجاهات اللاعقلانية، كالرومانتيكية والوجودية والبيرجسونية ... هذا الاقتران الذي يعد سمة مميزة للفكر والفلسفة منذ أواسط القرن العشرين هو في حقيقته من مخلفات الفلسفة الحديثة وآثارها، وفي الوقت نفسه قصور عن تتبع تطورات العلم الثورية التي حدثت في القرن العشرين ذاته.
ولكننا على أية حال في هذا الفصل وفي الفصل التالي أيضا، ما زلنا في العصر الحتمي، أي في زمان الفلسفة الحديثة التي كانت المنشأ والمنبت والمرعى الخصيب لتلك الشيزوفرينيا.
Bog aan la aqoon