Xorriyadda Aadanaha iyo Cilmiga: Dhibaato Falsafadeed
الحرية الإنسانية والعلم: مشكلة فلسفية
Noocyada
علماء الحتمية لن يترفعوا على المجرمين، ولن يستهجنوهم ولا يدور بخلدهم أن يصرعوهم، بل يريدون أن يصلحوهم،
62
ويرد باييه هذا بالقول النبيل: «من منا المعصوم حتى يصح له أن يترفع على المخطئين؟!»
63
إلى كل هذا الحد لا يكتفي العلم الحتمي بالمجاهرة الصريحة بمعضل الأخلاق في عالمه، بل يردفه بالدفاع الباسل، ولم لا؟ وتكنولوجيا نسق العلم الحتمي الكامل ستعطينا ما هو خير من وهم الحرية وأحكام الأخلاق الجوفاء الانفعالية، ستعطينا المجتمع المنظم تنظيما أمثل، يجمل برلين الموقف كالآتي: «تلك هي عقيدة الحتميين المؤمنين بالعلم الطبيعي وبالتقدم المادي، إنهم يتمسكون بأن الخطيئة والمعاناة هي في النهاية نتيجة الجهل، الضعف والبؤس والحمق والخطأ والخلل الأخلاقي، كلها تعود في النهاية إلى سوء التنظيم الآتي من الجهل بالوسائل والغايات. وأن نفهم طبيعة الأشياء هو أن نعلم ما الذي نريده حقيقة وكيف نصل إليه، والتوصل إلى معرفة هذا هو غرض العلم ووظيفته، العلم سوف يتقدم، وسيكتشف يوما ما الغايات الحقيقية والوسائل الكفء الفعالة، المعرفة ستنمو وسيتقدم الإنسان أكثر، فيصبح أفضل وأحكم وأسعد، السعادة والفضيلة والمعرفة العلمية مرتبطة كلها معا، وبسلسلة لا تضمحل أبدا، أما الغباء والخطيئة والظلم والشقاء، فأعراض مرض سوف يحذفه تماما تقدم العلم، نحن على ما نحن عليه بسبب من العلل الطبيعية، وحين نفهمها فهذا وحده كفيل بأن يجعلنا على اتساق تام مع الطبيعة، أما الثواب والعقاب فدلالة على الجهل، إذا كان من المعقول أن نلوم الأشياء والحيوانات، أو نطالبها بالعدالة حين تسبب لنا ألما، أو نلوم الطقس أو التربة أو الضواري والوحوش، لكان من المعقول أن نلوم الإنسان، الذي لا تقل حتمية خصائص شخصيته وأفعاله عن حتمية هذه الأشياء، حين نبحث نمط حياة هذا الشخص أو ذاك، لا يجب أن ندين أو نعاقب لأننا سنعرف ما العلة التي دفعت هذا الإنسان أو ذاك للتصرف الخاطئ، قد يكون الجهل أو الفقر أو أي خلل فيزيقي أو عقلي أو أخلاقي، ولو تسلحنا بما يكفي من الصبر والمعرفة ومن التعاطف سنفهم هذا دائما ولن نلوم أي مخطئ أكثر مما نلوم أي موضوع من موضوعات الطبيعة».
64 (11د) وأخيرا انقلب هذا المبدأ الحتمي: نفي مشروعية الأحكام التقويمية أخلاقية أو غيرها، إلى قاعدة منهجية ميثودولوجية يتحراها الراغبون في علمنة دراستهم، خصوصا حين تكون علميتها محل شبهة، فدافع الحتميون التاريخيون عنها دفاعا مستميتا، مؤكدين أن التاريخ كأي علم آخر، وصف للوقائع لا يعترف بشيء اسمه الأحكام التقويمية «محمد وهتلر والإسكندر» ... قد نعجب بهم أو نخافهم، لكننا لا ندين أفعالهم ولا نمدحهم، فلو فعلنا فكأننا نلقي موعظة على شجرة، وبالمثل تماما محاولة عزو التغييرات إلى إرادتهم وتصرفاتهم أو محاولة استخلاص الدروس منهم. لا ينبغي أن نشعر بالاستصغار أمامهم، هم على ما هم عليه، ونحن على ما نحن عليه، ولم يكن أحد منا يستطيع غير هذا؛ لأنه محكوم بالقوى العظمى، إننا بإزاء عقول حتمية صلبة تناشدنا باسم المنزلة العلمية أن نحجم عن الحكم لكي نحافظ على الموضوعية.
65
ويمكن مقارنة هذا باتجاهات ستراوسون التفاعلية الذاتية، مقابل الاتجاهات الموضوعية الجديرة بالعلم الحتمي.
66 ••• (12) «معضل الجدة»: يرى الحتميون أن تاريخ عالمهم لا يحتمل أية أحكام تقويمية، ولن نبحث في كونهم محقين في هذا أم لا؛ لأن ثمة تساؤلا أهم وأكثر جذرية: هل لعالمهم هذا أصلا تاريخ بالمعنى الحقيقي؟ والأحداث فيه ليست إلا اطراد القانون الحتمي، وتطبيق لخطة فرضتها العلل الكونية التي تخلقت في الماضي السحيق قبل ظهور الإنسان ذي التاريخ، ودع عنك الإنسان المؤرخ.
العالم الحتمي الميكانيكي المغلق، الذي قدرت حركاته أزلا وأحصيت عددا، لن يعرف البتة جديدا، الجديد هو العارض الخصب، والعالم الحتمي حتمي لأنه لا عارض فيه، الجدة ظاهرة من ظواهر المفهوم الحيوي ، من حيث كونه مناقضا للمفهوم الآلي ... أما وقد أصبحت الحياة ككل شيء: آلة، فلا جديد البتة، ولا خلق ولا إبداع وبالتالي لا تطور.
Bog aan la aqoon