Xorriyadda ee Islaamka
الحرية في الإسلام
Noocyada
إن الإنسان لربه لكنود * وإنه على ذلك لشهيد * وإنه لحب الخير لشديد .
هذا الباعث يقذفه الله في نفوس قوم، فيدعوهم إلى تسوية طرائق العمران وتشييد أركانه، ويسلكه في قلوب آخرين فيترامى بهم إلى بث الفساد على وجه البسيطة، وإثارة غبار التوحش في أرجائها، القوي بسطوته، والضعيف باحتياله ومكيدته، واعتبر في هذا برجل فاضت خزائنه ذهبا، وقد بلغ من الكبر عتيا، ولم يهب الله له في ورثته وليا، وتجده قائما على ساق الجد في العمل المستمر، يبني بكل ريع آية، ويشق الأرض بأدوات الفلاحة شقا، ماذا حمله على ذلك الحرص الأكيد والأمل الواسع وقد تقوس ظهره وانكمش جلده؟ حب المال، حب المال هو الذي ينزع من فؤاد الرجل الرأفة، ويجعل مكانها القسوة والفضاضة، حتى إذا أظلم الأفق واسود جناح الليل تأبط خنجرا، أو تقلد سيفا، وذهب يخطو في بنيات الطريق خطى خفافا ليأتي البيوت من ظهورها، ويمد بسبب إلى أمتعتها، فإذا دافعه صاحبها أذاقه طعم المنون، وانصرف ثملا بلذة الانتصار؛ ولهذا افتقرت داعية حب المال إلى وازع يسدد طيشها ويكسر من كعوبها إلى أن تستقيم قناتها، والوازع ما ورد في مجمل الشريعة ومفصلها من الأصول القابضة على أيدي الهداجين حول اختلاسها والعاملين على اغتصابها، أو التصرف فيها بغير ما يأذن صاحبها، قال تعالى:
لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم ، وقال
صلى الله عليه وسلم : «من ظلم قيد شبر من أرض طوقه من سبع أرضين.»
وقال تعالى:
ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام لتأكلوا فريقا من أموال الناس بالإثم وأنتم تعلمون ، وقد تضمنت هذه الآية الإشارة إلى حكم الارتشاء، وقال في شأنه النبي
صلى الله عليه وسلم : «لعن الله الراشي.» هو دافع الرشوة، «والمرتشي» وهو قابضها، «والرائش» وهو المتوسط بينهما. الرشوة أخت السرقة وابنة عم الاغتصاب، وإن شئت فقل: تزوج الاغتصاب بالسرقة، فتولدت بينهما الرشوة؛ لأنها عبارة عن أخذ مال معصوم خفية، ولكنه بسلطة على حين علم من صاحبه، وكان الذين اجترحوا سيئتها قصدوا بها معارضة قاعدة الزكاة في وضعها وحكمتها. أما وضعها فالزكاة مال أوجبه الله على الأغنياء، لتسد منه خلة الفقير والمسكين، والرشوة مال يدلي به الفقراء والأرامل والأيتام إلى الغني ومن ولي الأحكام لينصفهم في الحكومة ولا يخذلهم في مجلس قضائه. وأما حكمتها فالزكاة شرعت لتطهر نفوس الأغنياء من رذيلة الشح، وتجعل بدلها الكرم والسماح، وتنزع الغل والحسد من قلوب الفقراء، وتنشر في مكانهما المودة والرحمة لأهل اليسار، والرشوة تزيد الغني لهفة وحرصا في جمع الأموال، وتفتح في صدره أبوابا من المطامع بقدر ما له من سعة التصرف وقوة النفوذ، ثم توقد له في قلب الراشي ضغينة وحقدا، وتطلق لسانه بخزيه وهوانه، وإن لم يكن بقضائه شقيا. ولما كانت الرشوة عقبة كئودا في سبيل الحرية أخذت الشريعة في تحريمها بالتي هي أحوط، فلا يسوغ للقاضي قبول الهدية إلا من خواص قرابته؛ لئلا تزل به مدرجتها إلى أكل الرشوة، أو يتخذ اسم الهدية غطاء للرشوة يسترها به عن أعين المراقبين لأحواله السرية، ورد عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه الهدية، فقيل له: كان النبي
صلى الله عليه وسلم
يقبلها، فقال: كانت له هدية ولنا رشوة؛ لأنه كان يتقرب إليه لنبوته لا لولايته، ونحن يتقرب بها إلينا لولايتنا.
ولم يكتف الشارع الحكيم في النهي عن اغتصاب الأموال واختلاسها بما قرع به الأسماع من الزواجر الكلية، فأردفها بتعليمات عمرانية في مواضيع غامضة تقصر عقول البشر عن إدراكها بدون توقيف وتعليم مثل المعاملة بالربا؛ فقد يتوهم سلامتها من أكل المال باطلا، وهي معدودة في قبيله غير خارجة عن معناه. يوافق الربا الاغتصاب في أن الزائد على رأس المال أخذ بغير عوض يقابله، ولم تطب له نفس الدافع، ولا سمح به خاطره، ولكن الحاجة هنا ألجأت إلى إعطائه، كما تلجئ سلطة الغاصب إلى تسليم المال في الغصب الصريح، وهو بهذا الاعتبار ذريعة لاستيلاء الموسرين على تراث أهل الخصاصة وامتصاص أموالهم التي هي بمنزلة الدم لحياتهم شيئا فشيئا، ويقطع سببا وثيقا ترتبط به القلوب رحمة وإخاء وهو السلف مثلا بمثل، فضلا عما يبذره في نفوس أهل الثروة من ألفة البطالة والتقاعد عن الصنائع والمعاملات التجارية، ولم تتقدم الأمم المستحلة للربا في حياتها المدنية بارتكاب مطيته العشواء أخذا وإعطاء، وإنما منبع ثروتها ورفاهية حالها عقد المبادلات التجارية. والإقبال على الفلاحة والصنائع واستنزاف المعادن، والمعاملة بالربا عندهم أمر يسير لا يكاد يظهر بالنسبة إلى مشروعاتهم الواسعة وأعمالهم المتواصلة.
Bog aan la aqoon