قال: فبماذا أجبتها؟ قلت: بقول جرير:
ثقي بالله ليس له شريك ... ومن عند الخليفة بالنجاح
قال: ثق بالنجاح إن شاء الله تعالى. ثم قال الواثق: أفدنا شيئًا. فقلت: يا أمير المؤمنين، أقول كما قال الشاعر:
لا تغلواها وادلواها دلوا ... إن مع اليوم أخاه غدوا
أراد أبو عثمان: ارفق بي، ولا تستعجل علي. فقال: يكفينا من الفائدة تفسير هذين البيتين. فقلت: معنى قوله: لا تغلواها، أي لا تعنفا بها. يقال: غلوت الأبل غلوا، إذا حثثتها في السير، ودلوتها، إذا رفقت بها. وقوله: غدوا إنما المستعمل منه غد، لأنه على حرفين، مثل: يد وما أشبهه. وأصله: غدوٌ، فحذفت منه الواو، فلما اضطر إليه الشار رده إلى أصله. فقال: يكفينا هذا. وأمرني فنزلت وأكرمت، ثم جلس مجلسًا آخر وأحضرت الجارية وأبو محمد التوزي، فغنت البيت:
أظلوم إن مصابكم رجلًا
فرد عليها أبو محمد أن ترفع رجلًا. فقلت له: كيف تقول: إن ضربك زيدًا معجبٌ لي؟ فقال أبو محمد: حسبي، وأمرها: أن تنصب رجلًا. وسألني الواثق الإقامة بحضرته، فاعتذرت له إليه. فأمر لي بعشرة آلاف
1 / 46