وكان واصل بن عطاء ينسب إلى التشيع في ذلك الزمان. لأنه كان يقدم عليًا على عثمان.
وفرقة منهم يسيرة العدد جدًا، يرون عليًا أولى بالإمامة بعد رسول الله ﵌، ويرون إمامة أبي بكر وعمر كانت من الناس على وجه الرأي والمشورة، ويصوبونهم في رأيهم ولا يخطئونهم، إلا أنهم يقولون: إن إمامة علي كانت أصوب وأصلح.
ولم تزل الشيعة على هذه الأقوال الثلاثة، إلى أن قتل الحسين بن علي ﵇، ثم افترقت الشيعة بعده على ثلاث فرق: فرقة قالت: إن الإمام بعد الحسين ابنه علي بن الحسين، وإن الإمامة بعد الحسين في ولده خاصة، لأنها استقرت في يده فلم تكن لتخرج من أيدي ولده إلى غيرهم، وإنها تمضي قدمًا قدمًا لا تأخذ يمينًا ولا شمالًا، وإنها لا ترجع القهقرى ولا تمشي إلى وراء، ولا تكون إلا بنص من الإمام الأول على الإمام الثاني، وإن الأرض لا تخلو من إمام طرفة عين، إما مشهور وإما مستور، ولهذا سموا: بالإمامية، لالتزامهم بالإمام.
وقالت الفرقة الثانية: لم يصح عندنا أن الحسين عهد إلى أحد، ولا دعى ابنه علي إلى بيعة، فنحن نقف حتى نرى رجلًا من أحد البطنين - يعنون: ولد الحسن والحسين - يصح لنا ولادته، وزهده، وعلمه، وشجاعته، وعدالته، وورعه، وكرمه، يشهر السيف، ويباين الظالمين، فتلزمنا طاعته، فسموا: الواقفة، فمكثوا بعد قتل الحسين ستين سنة، حتى قام زيد بن علي بن الحسين بالكوفة،