والقرآن يوصي كثيرا بإستخدام العقل في مسائل الإعتقاد ، ومن الأمثلة على ذلك قوله تعالى : { لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا } [ الأنبياء : 22] ، فالآخذ بالعقل في مسائل أصول الدين آخذ بالقرآن الكريم ، ولذلك انتهج المذهب الزيدي النهج القرآني في إستخدام الدليل العقلي وجمع في الإستدلال على صحة معتقداته بين صحيح النقل ، وصريح العقل ، ولذلك لم تأسره ظواهر الألفاظ المتشابهات ، كما أسرت بعض المذاهب التي عطلت العقل ، وحصرت دوره ، وقصرت فهمه وإدراكه على فهم من قلدوه تقليدا أعمى ، { وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا أولو كان آباؤهم لا يعقلون شيئا ولا يهتدون } [ البقرة : 170] .
قال الإمام القاسم بن إبراهيم عليه السلام : ( معرفة الله عز وجل وهي عقليه ، منقسمة على وجهين وهما : إثبات ونفي ، فالإثبات هواليقين بالله والإقرار به ، والنفي هو نفي التشبيه عنه تعالى ، وهو التوحيد وهو ينقسم على ثلاثة أوجه :
الوجه الأول : الفرق بين ذات الخالق وذات المخلوق حتى ينفي عنه جميع ما يتعلق بالمخلوقين في كل معنى من المعاني صغيرها وكبيرها وجليلها ودقيقها حتى لا يخطر في قلبك في التشبيه خاطر شك ولا توهم ، ولا إرتياب حتى توحد الله سبحانه بإعتقادك وقولك وفعلك ، فإن خطرت على قلبك في التشبيه خاطرة شك فلم تنف عن قلبك بالتوحيد خاطرها وتمط باليقين البت والعلم المثبت حاضرها ، فقد خرجت من التوحيد إلى الشرك ومن اليقين إلى الشك لأنه ليس بين التوحيد والشرك واليقين والشك منزلة ثالثة ، فمن خرج من التوحيد فإلى الشرك مخرجه ، ومن فارق اليقين ففي الشك موقعه .
الوجه الثاني : هو الفرق بين الفعلين حتى لا تصف القديم بصفة من صفات المحدثين .
Bogga 44