ومن هنا يمكن القول أن العبودية لله وحده هي شطر الركن الأول في العقيدة المتمثل في شهادة أن ( لا إله إلا الله ) ، والتلقي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هو شطرها الثاني المتمثل في شهادة ( أن محمدا رسول الله ) ، وعلى هاتين الكلمتين تقوم حياة الأمة الإسلامية بحذافيرها ، وتعتبر القاعدة والركيزة لكل مابعدها من مقومات الإيمان وأركان الإسلام ، ولن تحقق هاتان الكلمتان معناهما والهدف منهما إلا بإخلاص العبودية الصادقة لله وحده في جميع الأمور المطلوبة من الفرد المسلم والمجتمع المسلم ، سواء ( الإعتقادية ، أم الشعائر التعبدية ، أم النظم الإجتماعية والقانونية ) .
فأما الإعتقاد :
فلا بد أن ينشأ في ظل الحقائق اللائقة بالله جل جلاله وعظم شأنه ووصفه بما وصف به نفسه من القدرة ، والعظمة ، والوحدانية ، الجلال ، وغيرها من الصفات والأفعال الكمالية الخالية من كل نقص ، وفي هذا يقول أمير المؤمنين عليه السلام : ( أول الدين معرفته ، وكمال معرفته التصديق به ، وكمال التصديق به توحيده ، وكمال توحيده الإخلاص له ، وكمال الإخلاص له نفي الصفات عنه ، لشهادة كل صفة أنها غير الموصوف ، وشهادة كل موصوف أنه غير الصفة ، فمن وصف الله سبحانه فقد قرنه ومن قرنه فقد ثناه ، ومن ثناه فقد جزأه ، ومن جزأه فقد جهله ، ومن جهله فقد أشار إليه ومن أشار إليه فقد حده ، ومن حده فقد عده ومن قال فيم فقد ضمنه ، ومن قال علام ، فقد أخلى منه ، كائن لاعن حدث ، موجود لا عن عدم ، مع كل شيء لا بمقارنه ، وغير كل شيء لا بمزايله ، فاعل لا بمعنى الحركات والآله ، بصير إذ لا منظور إليه من خلقه ، متوحد إذ لا سكن يستأنس به ، ولا يستوحش لفقده ) (1) .
Bogga 41