معرفة الله هي رأس العلم ، وأساس العبادة ، فلا نجاة لأي فرد إلا بها ، ومهما حاول أي إنسان التنكر لها فإنه سيأتي يوم لتذكرها ، والرسول صلى الله عليه وآله وسلم في جوابه للرجل الطالب غرائب العلم لم يقصد بأن يعرفه بهذه الصفات فحسب ، بل يريد أن يستشعرها إستشعارا كاملا في جميع حركاته وسكناته ، ويعرف أن الله ليس كمثله شيء ، وأنه يعلم السر وأخفى ، فإذا عرف تلك الصفات معرفة حقيقية فلا يمكن أن يخرج عن نطاق العبودية لله وحدة .
نحن كمسلمين نقر بالعبودية لله تعالى وحده ، والله تعالى في كتابه يبين أنها الهدف من خلقنا فيقول : { وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون } [ الذاريات: 56] ، وهنا لا بد من الوقوف على حقيقة العبادة المطلوبة منا ( الإعتقادية ، والتعبدية ، والقانونية ) ، والتي مكننا الله من تحقيقها بما سخره لنا من الوسائل .
قال الإمام القاسم بن إبراهيم : ( إعلم يا أخي ، علمك الله الخير والهدى ، وجنبك المكاره والردى : أن الله خلق جميع عباده المكلفين لعبادته كما قال عز وجل : { وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون } [ الذاريات :56] ، والعبادة تنقسم على ثلاثة وجوه :
أولها : معرفة الله .
والثاني : معرفة مايرضيه وما يسخطه .
والوجه الثالث : إتباع مايرضيه ، واجتناب ما يسخطه ، إلى أن قال : فهذه ثلاث عبادات من ثلاث حجج احتج بها المعبود على العباد وهي : العقل ، والكتاب ، والرسول .
فجاءت حجة العقل بمعرفة المعبود ، وجاءت حجة الكتاب بمعرفة التعبد ، وجاءت حجة الرسول بمعرفة العبادة ، والعقل أصل الحجتين الأخيرتين لأنهما عرفا به ولم يعرف بهما فافهم ذلك ) (2) .
Bogga 40