أما أن يعجب المرء بموهبة عظيم أو أن يستطلف سيرة آخر فيحبه أو تكون له مصلحة فذلك لون آخر من الصداقة غير مانحن بإزائه ، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ( ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان وطعمه ، أن يكون الله ورسوله أحب الله مما سواهما ، وأن يحب في الله ويبغض في الله ، وأن توقد نارعظيمة فيقع فيها أحب إليه من أن يشرك بالله شيئا ) (1) ، وأول شرائط الصحبة الكريمة أن تبرأ من الأغراض وتخلص لوجه الله تعالى ، وأن تنتزع من طريق الإيمان والإحسان ، وهذا هو معنى الحب في الله تعالى ، وفضيلة التآخي بين أفراد المجتمع .
حرص الإسلام على تقوية أواصر الصداقة :
إذا نشأت الصداقة لله فلن تدوم إلا بطاعته ، ولن تزكو إلا بالبعد عن معصيته ، فإذا تسربت المعصية إلى سيرة الصديقين أو أحدهما تغيرت القلوب وضاع الحب .
من أجل ذلك كان أهل البيت عليهم السلام ، وكذلك صحابة الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم ورضوان الله عليهم يجعلون من التواصي بالحق والتعاون على الخير سياجا يحفظ ما بينهم من ود ويقربهم من الله ورحمته ومزاحمة أوليائه ، وبقدر تركيز الإسلام على ذلك ركز أيضا على تقوية أواصر الصداقة بالتعهد والمزوارة .
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ( إذا أحب أحدكم أخاه فليخيره إنه يحبه ) (2) ، وعن أنس : كان رجل عند النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، فمر رجل ، فقال : يارسول الله إني أحب هذا : قال : أعلمته ؟ ، قال : لا ، قال : فأعلمه ، فلحقه ، فقال : إني أحبك في الله تعالى فقال : أحبك الذي أحببتني له (3) ، وذلك لأن الحب في قلبك مثل العطر في الزجاجة المغلقة لن تقوم برائحته إلا بعد فتحها وإذا أردت أن يعرف أخوك حبك له فأخبره فإنه آكد للمحبة .
Bogga 104