وحمل ريح يوسف الى يعقوب.
وبينما يعقوب جالس في زاوية البيت يفكر بمصير اولادهم ومصير يوسف وبنيامين واذا بالنسيم يمر على بيته ويشم منه رائحة يوسف ، ينهض من مكانه فجأة نشطا متحركا بكل صراحة وجرأة واطمئنان وقال : لو لم تتحدثوا عني بسوء ولم تنسبوا كلامي للسفاهة والجهل لقلت لكم : اني لأشم ريح يوسف ، فاني احس بان ايام المحنة والالام سوف تنصرم في القريب العاجل ، وانه قد حان وقت اللقاء مع الحبيب ، وارى ان آل يعقوب قد نزعوا ثوب العزاء والمصيبة ولبسوا لباس الفرح والسرور.
تعجب الذين كانوا يحيطونه من اهله واحفاده والنساء من كلامه ، وقالوا له : يا ابانا لقد مضت سنين طويلة على موت يوسف ، لكنك تزعم انه حي ، وتقول : انك تشم رائحته من مصر؟ اين مصر واين الشام وكنعان؟ ، فقال لهم : اني اعلم من الله ما لا تعلمون ».
تمضي الليالي والايام ويعقوب في حالة الانتظار ، الانتظار الذي يصحبه القلق والسرور والفرح.
وبعد ايام عديدة من الانتظار ، والتي لا يعلم الا الله كيف قضاها يعقوب ، ارتفع صوت المنادي معلنا وصول القافلة التي تحمل البشائر ليعقوب ، والطعام لقومه.
دخل اولاد يعقوب الى المدينة فرحين مستبشرين ، وتوجهوا مسرعين الى بيت ابيهم ، وسبقه البشير الذي كان يحمل قميص يوسف وبشره بحياة يوسف والقى قميصه على وجهه ، فارتد بصيرا ، وشع النور في جميع ذرات وجوده ، ورأى السماء والارض والجدران وكل شيء حوله كأنه يضحك معه ، وفتح عينيه ورأى جمال العالم مرة اخرى ....
Bogga 164