290

Hujja Fi Bayan Mahajja

الحجة في بيان المحجة وشرح عقيدة أهل السنة

Tifaftire

محمد بن ربيع بن هادي عمير المدخلي [جـ ١]- محمد بن محمود أبو رحيم [جـ ٢]

Daabacaha

دار الراية

Lambarka Daabacaadda

الثانية

Sanadka Daabacaadda

١٤١٩ هـ - ١٩٩٩ م

Goobta Daabacaadda

السعودية / الرياض

تَأْكِيد الْوَعْد والتكفل بِالْوَفَاءِ بِهِ، وَمن كَانَ فِي مَحل الصدْق وَأمره مَبْنِيّ عَلَى تجنب الْكَذِب، وَالْخلف لم يَأْتِ بِمثل هَذَا القَوْل إِلا عَن ثِقَة وبصيرة.
والقصة فِي غَلَبَة الرّوم لفارس عَلَى مَا بشر اللَّه بِهِ فِي هَذِه الْآيَة مَعْرُوفَة واستبشار الْمُؤمنِينَ وفرحهم بذلك مَعْلُوم، وَسَببه ظَاهر غير مَكْتُوم، وَهُوَ أَن الرّوم كَانُوا أهل كتاب وملكهم قَيْصر، أكْرم كتاب النَّبِي ﷺ َ -، وَكَانَت فَارس بِخِلَاف هَذِه الصُّورَة، وملكهم كسْرَى مزق كتاب النَّبِي ﷺ َ - فَدَعَا عَلَيْهِ بتمزيق ملكه فمزقه اللَّه وَلم تقم لَهُ قَائِمَة. وَمِنْه قَوْله ﷿: ﴿قل يَا أَيهَا الَّذِينَ هَادُوا إِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَاءُ لِلَّهِ﴾ إِلَى قَوْله ﴿وَالله عليم بالظالمين﴾ . فقد قطع عَلَيْهِم فِي هَذَا القَوْل أَنهم لَا يتمنونه أبدا، فَكَانَ كَذَلِك.
وَفِي امتناعهم من تمني الْمَوْت دَلِيل عَلَى علمهمْ بصدقه، وإِلا فَأَي شَيْء أسهل من أَن يَقُول لَهُ: قد تمنينا الْمَوْت، وَمِمَّا يجْرِي هَذَا المجرى فِي الدّلَالَة عَلَى مغيب الْأُمُور. قَوْله " ﴿فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ من الْعلم﴾ إِلَى آخر الْآيَة. وَلَا يَقُول هَذَا القَوْل إِلا وَهُوَ واثق بهلاكهم إِن باهلوه، وَهَذِه الْآيَة وَارِدَة فِي قوم من النَّصَارَى لما صمموا على المعاندة والتكذيب دعاهم

1 / 382