طبائع البلدان هذه وردت لدى ابن الفقيه «١» الذي ألف كتابه البلدان حوالي ٢٩٠ هـ دون أن يعزوها لأحد، لكنها مستقاة بكل تأكيد من الحيوان الذي كانت لديه نسخة منه أفاد منها عند تأليفه كتابه (انظر: مقدمة البلدان لابن الفقيه ص ١٥)؛ والسرور الذي يعتري الداخل إلى التبت موجود أيضا لدى ابن رسته «٢» الذي ألف كتابه في" السنوات بين ٢٩٠ و٣٠٠ هـ" «٣»، وهو مختصر، إلا أن وجود المعلومة المتعلقة ببلاد السيلا في الأعلاق النفسية، تجعلنا نحتمل أنه نقل معلوماته عن ابن خرداذبه الذي انفرد بذكر معلومة السيلا مع بقية طبائع البلدان. ونذكر بأن الخياط المعتزلي (توفي بعد ٣٠٠ هـ بقليل) يشير إلى" كتب الجاحظ في أفعال الطبائع" «٤» . وقد ذكر المسعودي (توفي سنة ٣٤٦ هـ) السرور ببلاد التبت «٥» بشكل تختلف عباراته كثيرا عما هو لدى الجاحظ، رغم علمنا بأن المسعودي كانت لديه نسخة من الحيوان للجاحظ عند تأليفه مروج الذهب «٦»، وأنه كانت لديه نسخة من كتاب الجاحظ الآخر الأمطار وعجائب البلدان «٧» .
إنه مثال واحد أوردناه تعليقا على رأي العلّامة الجليل بار تولد الذي أسدى معروفا لا ينسى للدراسات الجغرافة الإسلامية عندما كتب مقدمته لكتاب حدود العالم وغيرها من الدراسات القيمة، رأيه الذي قال فيه إن المعلومة المتعلقة ببلاد التبت" استعارها مؤلف حدود العالم من ابن خرداذبه". ورأينا كيف أن الأصل فيها وفي غيرها من طبائع البلدان هو الجاحظ وليس ابن خرداذبه. وعلى هذا فالدراسة المطولة- وهي مما يستغرق وقتا طويلا-
1 / 17