Hurnimo si loo Qaato Neefsasho
هدنة لالتقاط الأنفاس
Noocyada
للوهلة الأولى، بدا الأمر كما لو أن السماء قد أمطرت طوبا وخضراوات؛ فقد كانت أوراق الكرنب في كل مكان، حيث فجرت القنبلة متجر خضري وسوته بالأرض. وقد تفجر جزء من سقف المنزل المجاور له، وكانت النيران ممسكة في الألواح الخشبية للسقف، وكانت جميع المنازل المحيطة قد أصابها ضرر بشكل أو بآخر، وكسرت نوافذها. ولكن ما كان الجميع ينظر إليه هو المنزل على اليسار؛ فقد دمر جداره، المشترك مع جدار متجر الخضري، على نحو مرتب كما لو أن أحدا قد فعل ذلك بسكين. وما كان غريبا، أن شيئا لم يمس في الغرف العلوية. كان الأمر تماما كما لو أنك تنظر إلى منزل دمية؛ خزانة أدراج، وكراسي غرفة نوم، وورق حائط باهت اللون، وسرير غير مرتب، ومبولة أسفل السرير، كل ذلك كان تماما كما تركه أصحابه، باستثناء الجدار الوحيد الذي تحطم. أما الغرف في الطابق الأسفل، فقد نالها الانفجار، حيث كان ثمة فوضى من الأشياء المحطمة المروعة من طوب وجص وأرجل كراسي وبعض من أجزاء منضدة زينة ملمعة وخرق من غطاء مائدة وأكوام من الأطباق المحطمة وقطع مكسورة من حوض غسل الأطباق. وكان برطمان من المربى متدحرجا على الأرض، تاركا خلفه خطا طويلا من المربى، وكان بمحاذاته شريط من الدماء. ولكن وسط الآنية الفخارية المحطمة، كانت ثمة ساق ملقاة؛ فقط ساق، ولا تزال بأحد زوجي البنطال وأحد زوجي الحذاء الأسود ذي الكعب المطاطي ماركة وود ميلين اللتين كانتا يرتديهما صاحبها. هذا ما كان يصيح عليه الناس.
نظرت جيدا إليها وفهمت الأمر. وكانت الدماء قد بدأت تختلط مع المربى. وعندما وصلت عربة الإطفاء، انصرفت وذهبت إلى فندق جورج كي أجمع أغراضي.
كانت هذه نهايتي مع لوير بينفيلد، على ما اعتقدت؛ فأنا ذاهب للمنزل. ولكني في الواقع، لم أزل الغبار من على حذائي وأترك المكان على الفور؛ إذ لا يتسنى للمرء أن يفعل ذلك أبدا، فعندما يحدث شيء كذلك، يقف الناس دائما ويتناقشون حوله لساعات. لم يكن ثمة الكثير من العمل الذي أنجز في لوير بينفيلد في ذلك اليوم؛ فقد كان الجميع مشغولين بشدة بالحديث عن القنبلة، وعن نوعية صوتها، وعما ظنوا عندما سمعوا صوتها. قالت الساقية في فندق جورج إن ما حدث أصابها برعب شديد، وإنها لن تستطيع النوم جيدا في سريرها بعد الآن؛ وماذا كنت تتوقع؟ فقد تبين لنا وجود قنابل لم نعرف عنها شيئا من قبل. وكانت امرأة قد عضت جزءا من لسانها بسبب القفزة التي جعلها الانفجار تقوم بها. تبين أنه بينما كان الجميع في هذا الطرف من البلدة يتصورون أنها كانت غارة جوية ألمانية، فإن الجميع في الطرف الآخر كانوا موقنين أنه كان ثمة انفجار في مصنع الجوارب. بعد ذلك (وقد عرفت الأمر من الصحف) أرسلت وزارة الطيران رجلا لتقصي الأضرار، وأصدروا تقريرا يقولون فيه إن آثار القنبلة كانت «مخيبة للآمال». في الحقيقة، لم تقتل سوى ثلاثة أشخاص: الخضري، وكان اسمه بيروت، وزوجا وزوجة مسنين كانا يعيشان بجوار الخضري. لم يتحطم وجه المرأة كثيرا، وتمكنوا من التعرف على الرجل من حذائه؛ ولكنهم لم يجدوا قط أثرا لبيروت، ولا حتى زرا من أزرار بنطاله ليصلوا عليه.
بعد الظهيرة، دفعت فاتورتي وخرجت. لم يكن معي أكثر من ثلاثة جنيهات متبقية بعد أن دفعت الفاتورة؛ فهؤلاء المنمقون الذين يعملون في تلك الفنادق الريفية يعلمون كيف يحصلون منك على المال، كما أنني كنت أنفق المال بسخاء على المشروبات والنثريات الأخرى. تركت صنارتي الجديدة وبقية أدوات الصيد في غرفة النوم بالفندق. دعهم يأخذونها فلا منفعة منها، ولم أضع فيها سوى جنيه واحد كي أعلم نفسي درسا، وقد تعلمت الدرس جيدا؛ فالرجال البدناء البالغون من العمر خمسة وأربعين عاما لا يمكنهم الذهاب للصيد، ولن يحدث ذلك الأمر مجددا، فلم يكن سوى حلم، ولن أذهب للصيد مرة أخرى في هذه الحياة.
من الطريف كيف تتغلغل الأشياء فيك بالتدريج. ماذا شعرت بالتحديد عندما انفجرت القنبلة؟ في اللحظة نفسها، بالطبع، أفزعتني بشدة؛ وعندما رأيت المنزل المحطم وساق الرجل العجوز، شعرت بهذه الهزة الخفيفة التي تشعر بها عندما تشاهد حادث طريق. إنه لأمر كريه بالفعل. كريه بما يكفي ليجعلني أسأم من هذه الإجازة المزعومة؛ ولكنه لم يكن له تأثير كبير في الواقع.
ولكن بينما كنت أقود سيارتي على حدود لوير بينفيلد واتجهت شرقا، تذكرت كل شيء. تعلم كيف يكون الأمر عندما تكون في سيارة وحدك؛ هناك شيء، إما في الأسيجة التي تمر عليها سريعا أو في خفقان المحرك، يجعل أفكارك تأخذ إيقاعا معينا. ينتابك الشعور نفسه في بعض الأحيان عندما تكون في القطار. إنه شعور بالقدرة على رؤية الأشياء من منظور أفضل من المعتاد؛ إذ أصبحت متأكدا من جميع الأشياء التي كنت أشك فيها. في البداية، أتيت إلى لوير بينفيلد وفي رأسي تساؤل: ما الذي ينتظرنا؟ هل أعلن القرار بالفعل؟ هل بإمكاننا العودة إلى الحياة التي اعتدنا أن نعيشها، أم أنها انتهت للأبد؟ حسنا، حصلت على إجابتي. الحياة القديمة قد انتهت، وبالرجوع إلى لوير بينفيلد، لا يمكنك إرجاع يونان إلى بطن الحوت. لقد تيقنت من ذلك، على الرغم من أنني لا أتوقع أن تجاريني في أفكاري. وكان من الغريب أني أتيت إلى هنا. كل تلك السنوات ولوير بينفيلد مختفية في مكان ما في ذهني، كركن هادئ يمكنني الرجوع إليه عندما أشعر بأنني أريد ذلك ، وأخيرا رجعت إليه ووجدت أنه لم يكن موجودا؛ فقد دمرت بقنبلة أحلامي، وكي لا يكون ثمة خطأ في الإصابة تبعتها القوات الجوية الملكية بخمسمائة رطل من مادة التي إن تي.
الحرب آتية. قالوا إنها في 1941. وسيكون ثمة الكثير من الآنية الفخارية المتكسرة، والبيوت الصغيرة المتفسخة كصناديق الشحن، وستلتصق أحشاء موظف الحسابات المعتمد بالبيانو الذي اشتراه على أقساط لا نهاية لها. ولكن ما أهمية ذلك على كل حال؟ سأخبرك بما علمته لي إقامتي في لوير بينفيلد، وهو ما يلي: «كل ذلك سيحدث». كل ما وضعته في مكان ما في ذهنك من الأشياء التي ترعبك، والأشياء التي تقول لنفسك إنها مجرد كوابيس أو إنها لا تحدث إلا في البلاد الأخرى. القنابل، والطوابير على الطعام، والهراوات المطاطية، والأسلاك الشائكة، والقمصان الملونة، والشعارات، والوجوه الضخمة، والمدافع الآلية التي تنثر رصاصها من نوافذ غرف النوم. كل ذلك سيحدث، أعلم ذلك، على أي حال كنت أعلم في ذلك الحين. لا مفر من هذا. فلتناهضها إن أردت، أو لتصرف نظرك وتتظاهر أنك لا تلاحظها، أو لتجلب مفكك وتندفع لتحطيم بعض الوجوه مع الآخرين. ولكن لا مفر، فهو شيء محتم.
ضغطت على دواسة الوقود، وتأرجحت السيارة القديمة صعودا وهبوطا على التلال الصغيرة، ومرت على الأبقار وأشجار الدردار وحقول القمح حتى كاد يحترق المحرك من الحرارة. شعرت أنني في المزاج نفسه الذي كنت فيه في ذلك اليوم من شهر يناير، عندما مررت بشارع إستراند، ذلك اليوم الذي حصلت فيه على طقم أسناني الجديد؛ إذ كنت كما لو أن قوة النبوءة قد منحت لي، وبدا لي أنه بإمكاني رؤية إنجلترا كلها، وكل الناس فيها، وكل الأشياء التي ستحدث لهم جميعا. أحيانا، بالطبع، حتى في ذلك الحين، كنت أشك في أمر أو أمرين. العالم حقا كبير للغاية، وهو ما تلاحظه عندما تقود سيارتك، ونوعا ما يطمئنك ذلك. فكر في الأراضي الضخمة التي تمر عليها عندما تعبر ركنا من أركان إحدى المقاطعات الإنجليزية. الأمر يشبه سيبيريا. وفكر في الحقول وأيكات الزان ومنازل المزارعين والكنائس، والقرى بمتاجر البقالة الصغيرة وقاعة الأبريشية والبط الذي يتمشى عبر العشب. بالطبع، كل ذلك أكبر من أن يتغير، أليس كذلك؟ ويبدو أنه سيظل كما هو بشكل أو بآخر. في ذلك الوقت، كنت قد وصلت إلى ضواحي لندن، وأخذت طريق أوكسبريدج إلى ساوثهول؛ حيث أميال وأميال من المنازل القبيحة، بأشخاص يعيشون حياة راقية مملة داخلها. بعد ذلك، تمتد لندن بلا توقف؛ حيث الشوارع، والميادين، والأزقة الخلفية، والمباني المشتملة على عدة شقق، ومجموعات الشقق السكنية، والحانات، ومتاجر السمك المقلي، ودور السينما؛ يستمر ذلك مسافة عشرين ميلا، وجميع الثمانية الملايين نسمة بحياتهم الخاصة الصغيرة التي لا يرغبون في تغييرها. يبدو أنه لا توجد قنابل كافية للقضاء على ذلك بالكامل. والفوضى الناتجة عنها! وخصوصية حياة جميع هؤلاء! يقطع جون سميث قسائم كرة القدم، ويتبادل بيل ويليامز القصص في متجر الحلاق، وتعود السيدة جونز إلى المنزل ومعها جعة العشاء. ثمانية ملايين شخص! بالطبع سيتدبرون حالهم بطريقة ما، سواء قذفت القنابل أو لم تقذف، كي يستمروا في الحياة التي اعتادوا عليها، أليس كذلك؟
وهم! هراء! لا يهم عددهم؛ فكلهم في قارب واحد. الأيام الصعبة قادمة، والجيوش قادمة كذلك. لا أعرف ماذا سيحدث بعد ذلك، ولست مهتما أن أعرف. كل ما أعرفه هو أنه إذا كان ثمة شيء تهتم لأمره، فمن الأفضل أن تودعه الآن؛ لأن كل شيء تعرفه سيتهاوى وسيسقط في الوحل، مع المدافع الآلية التي تصلصل طوال الوقت.
ولكن عندما رجعت إلى الضاحية، تغير مزاجي فجأة.
Bog aan la aqoon