Jacaylka Ibnu Abii Rabiicah iyo Suugaantiisa
حب ابن أبي ربيعة وشعره
Noocyada
نعم، وحتى يعلم الناس جميعا أن لا حياة للأدب، ولا بقاء للغة، إن لم ننظر في حياة غيرنا الأدبية، فنعرف الفرق بين أدبنا وأدبهم، وكيف نبهوا بعد خمولهم، ونشطوا بعد فتورهم، وما هي السبل التي أوصلتهم إلى ما وصلوا إليه، حتى نصل نحن كذلك، فإنا لا نريد أن نفخر بأجدادنا ونحن دونهم، ولا أن نعيش في ظلهم كما عاش آباؤنا في ظلهم، بل نريد أن تكون لنا ثروة أدبية، وتراث فكري، وأن نحيا في أنفسنا، وبأنفسنا، حياة طيبة خالدة، يتغنى بها الأبناء والأحفاد.
نقل صاحب «الأغاني» - وهو يترجم ابن أبي ربيعة - عن الزبير بن بكار عن عمه مصعب أنه قال:
راق عمر بن أبي ربيعة الناس وفاق نظراءه وبرعهم بسهولة الشعر، وشدة الأسر،
1
وحسن الوصف، ودقة المعنى وصواب المصدر، والقصد للحاجة، واستنطاق الربع، وإنطاق القلب، وحسن العزاء، ومخاطبة النساء، وعفة المقال، وقلة الانتقال، وإثبات الحجة، وترجيح الشك في موضع اليقين، وطلاوة الاعتذار، وفتح الغزل، ونهج العلل، وعطف المساءة على العذال، وأحسن التفجع، وبخل المنازل، واختصر الخبر، وصدق الصفاء، إن قدح أورى، وإن اعتذر أبرا، وإن تشكى أشجى، وأقدم عن خبرة، ولم يعتذر بغرة، وأسر النوم، وغم الطير، وأغذ السير، وحير ماء الشباب، وسهل وقول، وقاس الهوى فأربى، وعصى وأخلى، وحالف بسمعه وطرفه وأبرم نعت الرسل، وحذر، وأعلن الحب وأسره، وبطن به وأظهره، وألح وأسف، وأنتج النوم، وجنى الحديث وضرب ظهره لبطنه، وأذل صعبه، وقنع بالرجاء من الوفاء، وأعلن قاتله، واستبكى عاذله، ونفض النوم، وأغلق رهن منى وأهدر قتلاه، وكان بعد هذا كله فصيحا.
فهل رأيتم أغمض من هذا الكلام، وأقل وضوحا منه؟ وهل يحسن أن يجيب المرء بمثل هذا إذا سئل عن شعر ابن أبي ربيعة؟
اللهم إنك تعلم أني لا أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وأني لقيت عنتا في فهم هذا الحديث المبهم الغامض، وأني أخشى أن يتورط فيه من يشق عليه فهمه، ويصعب عليه دركه، فإن المؤلف نفسه قد شعر بغموضه، وأحس بإبهامه: فأطال في شرحه بالمثال.
ولنفرض أن هذا كلام واضح بين، فمن ذا الذي يستطيع أن يحمل ذاكرته ستا وأربعين صفة لشاعر واحد؟ وما كانت تكون الطامة لو ألفنا هذا النحو من الفهم في تقدير كتابنا وشعرائنا وحكمائنا؟ أكانت تتسع اللغة لهذه الألقاب العديدة، والمصطلحات الكثيرة؟ أم كان يتسع وقتنا لدراسة الفنون على هذا النحو في اختلاف أنواعها، وتباين أشكالها ؟ هيهات! ولشد ما تورط الكاتب في الخطأ، وأمعن في الضلال! •••
ولكن فلنترك تأنيبه جانبا، ولنعد إلى النظر في تلك الكلمة، ولنفهمها فهما يخول لنا الحكم عليها، حكما صارما لا يرد.
أليس معنى كلامه قبل كل شيء أن ابن أبي ربيعة انفرد بتلك الصفات كلها لم يشاركه فيها مشارك، ولم يزاحمه عليها مزاحم؟ وإلا فكيف بهر بها الناس، وفاق من أجلها النظراء؟ لا بد أن يكون غرضه ذلك وإلا كان خاطئا في حكمه، واهما في فهمه. نعم، يجب ألا يريد من تلك الصفات إلا أنها من خواص ابن أبي ربيعة، فإن ذلك هو موضوع الحديث، وما سل من أجله القلم، وإذن فلننظر أصدق أم كان من الكاذبين؟
Bog aan la aqoon