Jacaylka Ibnu Abii Rabiicah iyo Suugaantiisa
حب ابن أبي ربيعة وشعره
Noocyada
فلما قضينا بعض مآرب الشباب، من الجري في ميدان الخيال الساحر، وشرحنا بعض أهوائنا وميولنا في شخص ابن أبي ربيعة، وكانت الشمس قد جنحت إلى الغروب، ونسمات الأصيل قد مالت إلى الهدوء، وبدت لنا سنتريس وكأنها بسمة في فم الكون يضمرها إذا جن الظلام، فما نتبين منها غير المصابيح الزاهرة، في المغاني الساهرة، والأندية السامرة، لم نجد بدا من العودة إليها ومساهرة السامرين فيها.
ولأمر ما أراد صديقي الشيخ حسين أن يذهب إلى منزله في شمال البلدة، وأردت العودة إلى منزلي في جنوبها الشرقي، بيد أنا لم نكد نبتعد كثيرا حتى سمعته يقول: إذا عدت غدا فأحضر معك ديوان ابن أبي ربيعة، فقلت له مازحا: ومن ابن أبي ربيعة؟ فأجاب مسرعا: فتى قريش وشاعرها.
فأعجبت بجوابه، وسررت من بداهته، إذ علمت أن ابن أبي ربيعة مهما درسنا شعره، وحللنا شخصيته، فلن نجده إلا فتى قريش وشاعرها، وكذلك أريد أن أحدثكم عنه من هذه الناحية: فأشرح لكم فتوته وشعره، أو حبه ونسيبه. •••
أيها السادة: إن الغرض من هذه المحاضرات إنما هو البحث العلمي قبل كل شيء، والوصول إلى الحقيقة من أي سبيل، وهنا ألفت نظركم إلى أن العلم لا يكون دائما جافا، بل قد يكون أحلى من المنى، وأشهى من ثغور الحسان، فإنك إذا احتجت إلى شيء من الزهادة في العيش، والرغبة عن الحياة؛ لتفهم الجزء الثالث من كتاب «الإحياء» للغزالي، وإلى قسط من الارتياب؛ لتفهم حديث الملحد تيموكليس مع الراهب بافنيس، للفيلسوف أناتول فرانس ، فإنك أيضا في حاجة إلى شيء من الخلاعة، ونصيب من المجون؛ لتفهم الشاعر الفتى عمر بن أبي ربيعة.
وكذلك أدعوكم إلى استقدام هواكم: قديمه وحديثه، واستنهاض صبابتكم: طريفها وتليدها، حتى تفهموا هذا الشاعر الغزل، وتدركوا غرض هذا الماجن الخليع.
ولن تكونوا إذا فعلتم ذلك إلا باحثين عن الحقيقة، سائرين إليها عن طريق العلم، فإن أنواع العلوم تتطلب ألوانا من النفوس، بل الفن الواحد يتطلب أرواحا مختلفة، لفهم أدواره المختلفة، فليس الذي يفهم نسيب الأمراء ويطرب له؛ لأنه يساكن من يهوى، ويختلف إلى من يحب، بقادر على أن يفهم نسيب المشردين في الآفاق ممن أهدرت دماؤهم، وصودرت ميولهم. وليس الذي يعجب بقول كثير:
يكلفها الغيران شتمي وما بها
هواني ولكن للمليك استذلت
هنيئا مريئا غير داء مخامر
لعزة من أعراضنا ما استحلت
Bog aan la aqoon