وكثيرا ما فوجئت الأميرة وهي تبكي في تلك الفترة قبيل الزواج بأيام، وقد قضى أبوها معها يوما كاملا وهو يطمئنها ويقويها، وكان الجميع يشعرون أنها قد ضحي بها في سبيل سلامة الإمبراطورية.
وجاء ميعاد مغادرتها، فاحتفل الأهالي بذلك احتفالا عظيما. ومما يدل على حالتها العقلية في ذلك الوقت، أنها كتبت هذه الرسالة إلى والدها، عندما وقفت العربات لاستراحة الخيل بعيد فينا:
إني أفكر فيك على الدوام، وسوف أفعل ذلك دائما؛ فقد منحني الله القوة لأن أتحمل هذه الصدمة الأخيرة، وفيه وحده أضع كل ثقتي، فهو سيكون في معونتي، ويمنحني الشجاعة، وبذلك أتقوى في تأدية واجبي نحوك؛ إذ إني قد ضحيت بنفسي لأجلك.
وبهذه الحالة العقلية دخلت ماري لويز فرنسا. وكان نابليون يذكر ماري أنطوانيت وحاشيتها النمسوية، وكراهة الفرنسيين لهذه الذكرى؛ لهذا أمر جنوده بمنع النمسويين المصاحبين للأميرة من دخول فرنسا، فرجعوا من الحدود، وبقيت الأميرة وحيدة بين هؤلاء الأغراب، وشعرت بوحشة بينهم آلمتها، وأعادت إليها ذكرى صباها وشبابها بين بني وطنها.
فلما صار بينها وبين باريس نحو ستين ميلا، تلقاها نابليون في ليلة مكفهرة عاصفة ممطرة، فركب إلى جانبها، وهي لا تتبين وجهه، حتى وصل إلى قصره في ساعة متأخرة من الليل. •••
واستيقظت في الساعة الحادية عشرة، ولم تقدر على مبارحة سريرها وعاشا معا في وقار الملوك. وكان نابليون في سن والدها، ولذلك لم يكن يأذن لرجل أن يخاطبها إلا في حضرة إحدى وصيفاتها.
وفي عام 1811 نال مبتغاه، وولدت له زوجته ولي عهده «ملك رومية». ثم جاءت سنة 1812، وبدأ حملته المشئومة على روسيا.
وفي ذلك العام عرفت ماري لويز الكونت نيبرج، وكان نمسويا، وعدوا لدودا لنابليون ولجميع الفرنسيين، جرح في إحدى المعارك، ففقد إحدى عينيه، وتأثر وجهه بندوب الجرح، فكان يخفي عينه وهذه الندوب بعصابة سوداء، وكان يمت إلى أسرة نبيلة في النمسا، وكان شجاعا مقداما، يجيد البراز ويفهم الأساليب السياسية، ويعمل بعقله وقلبه في أن يعكس على نابليون أغراضه. وكان مع ما أصاب وجهه من التشويه، يجذب إليه النساء بحلاوة حديثه، وشرف سمته، ونبالة حركاته.
ثم كانت سنة 1814 عندما ترك نابليون السياسة والحروب، وذهب إلى جزيرة إلبا كأنها منفى اختياري؛ فقد رأى الساسة النمسويون أن زمان التضحية بفتاتهم قد انتهى، وعقدوا النية على ألا ترجع ماري لويز إلى زوجها ثانيا، وذهبت ماري لويز إلى فينا، ولم تر نابليون بعد ذلك.
وعقدت لها حكومة النمسا دوقية بارما في إيطاليا، بما يلحقها من الأرضين والأملاك، وسافرت إليها بصحبة الكونت نيبرج.
Bog aan la aqoon