How an Employee Performs Trustworthiness
كيف يؤدي الموظف الأمانة
Daabacaha
الدار الحديثة مصر
Lambarka Daabacaadda
الأولى ١٤٢٥هـ
Sanadka Daabacaadda
٢٠٠٤م
Noocyada
مقدمة
...
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ربِّ العالَمين، والصلاة والسلام الأتَمَّان الأكملان على سيد المرسَلين وإمام المتَّقين، نبيِّنا محمد وعلى آله وأصحابه ومَن تبعَهم بإحسان إلى يوم الدِّين.
أمَّا بعد، فهذه رسالة لطيفة في النصح للموظفين والعمَّال في أداء ما أنيط بهم من أعمال، كتبتها أملًا في أن يستفيدوا منها، وأن تكون عونًا لهم على الإخلاص في نيَّاتهم والجدِّ في أعمالهم والقيام بواجباتهم، وأسأل الله للجميع التوفيق والتسديد.
1 / 3
آيات كريمة في أداء الأمانة
من الآيات في حفظ الأمانة وترك الخيانة قول الله ﷿: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا﴾ قال ابن كثير في تفسيره:" يُخبرُ تعالى أنَّه يأمر بأداء الأمانات إلى أهلها، وفي حديث الحسن عن سمرة أنَّ رسول الله ﷺ قال:"أدِّ الأمانة إلى مَن ائتمنك، ولا تَخُن مَن خانك" رواه الإمام أحمد وأهل السنن، وهو يَعمُّ جميع الأمانات الواجبة على الإنسان من حقوق الله ﷿ على عباده من الصلاة والزكاة والصيام والكفارات والنذور وغير ذلك مِمَّا هو مؤتَمَن عليه لا يطَّلع عليه العباد، ومن حقوق العباد بعضهم على بعض، كالودائع وغير ذلك مِمَّا يأتَمنون به من غير اطلاع بينة على
1 / 4
ذلك، فأمر الله ﷿ بأدائها، فمَن لَم يفعل ذلك في الدنيا أخذ منه ذلك يوم القيامة"
وقوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ قال ابن كثير:"والخيانة تعمُّ الذنوب الصغار والكبار اللازمة والمتعدِّية"، وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس ﴿وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ﴾ الأمانة الأعمال التي ائتمن الله عليها العباد، يعني الفريضة، يقول: لا تخونوا: لا تنقضوها، وقال في رواية ﴿لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ﴾ يقول: بترك سنته وارتكاب معصيته"
وقوله تعالى: ﴿إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْأِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا﴾ قال ابن كثير ﵀ بعد أن ذكر أقوالًا في
1 / 5
تفسير الأمانة، منها الطاعة والفرائض والدين والحدود، قال:"وكلُّ هذه الأقوال لا تنافيَ بينها، بل هي متفقة وراجعة إلى أنَّها التكليف وقبول الأوامر والنواهي بشرطها، وهو أنَّه إن قام بذلك أُثيب، وإن تركها عُوقب، فقبلها الإنسان على ضعفه وجهله وظلمه إلاَّ مَن وفَّق الله، وبالله المستعان"
وقوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ﴾، قال ابن كثير:"أي: إذا ائتمنوا لم يخونوا، وإذا عاهدوا لم يغدروا، وهذه صفات المؤمنين، وضدها صفات المنافقين، كما ورد في الحديث الصحيح:"آية المنافق ثلاث: إذا حدَّث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا ائتُمن خان"، وفي رواية:"إذا حدَّث كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر
1 / 6
أحاديث عن الرسول ﷺ في أداء الأمانة
ومن الأحاديث عن رسول الله ﷺ في حفظ الأمانة والتحذير من إضاعتها:
١ - عن أبي هريرة ﵁ قال: "بينما النَّبيُّ ﷺ في مجلس يُحدِّث القوم، جاءه أعرابيٌّ فقال: متى الساعة؟ فمضى رسول الله ﷺ يُحدِّث، فقال بعضُ القوم: سمع ما قال فكره ما قال، وقال بعضُهم: بل لم يسمع، حتى إذا قضى حديثه قال: أين أراه السائل عن الساعة؟ قال: ها أنا يا رسول الله، قال: فإذا ضُيِّعت الأمانة فانتظر الساعة، قال: كيف إضاعتُها؟ قال: إذا وُسِّد الأمرُ إلى غير أهله فانتظر الساعة "رواه البخاري (٥٩) .
٢ـ عن أبي هريرة ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ: " أدِّ الأمانة إلى مَن ائتمنك، ولا تَخُن من
1 / 7
خانك" رواه أبو داود (٣٥٣٥) والترمذي (١٢٦٤)، وقال:"هذا حديث حسن غريب"وانظر: السلسلة الصحيحة للألباني (٤٢٤) .
٣ - عن أنس ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ: "أوَّل ما تفقدون من دينكم الأمانة، وآخره الصلاة" رواه الخرائطي في مكارم الأخلاق (ص:٢٨)، وانظر: السلسلة الصحيحة للألباني (١٧٣٩) .
٤ - عن أبي هريرة ﵁ عن النَّبيِّ ﷺ قال:
"آية المنافق ثلاث: إذا حدَّث كذب، وإذ وعد أخلف، وإذا ائتُمن خان" رواه البخاري (٣٣) ومسلم (١٠٧) .
1 / 8
أداء الموظف عمله بجدٍّ وإخلاص يُؤجَر عليه في الدنيا والآخرة
إذا قام الموظف بأداء عمله بجدٍّ يرجو ثواب الله أبرأ ذمَّته واستحقَّ الأجرة على العمل في الدنيا، وظفر بالثواب في الدار الآخرة، وقد وردت النصوص الشرعية دالَّة على أنَّ الأجر والثواب على ما يعمله الإنسانُ من أعمال، يكون مع الاحتساب وابتغاء وجه الله، قال الله ﷿: ﴿لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا﴾، وروى البخاري (٥٥) ومسلم (١٠٠٢) عن أبي مسعود ﵁ أنَّ رسول الله ﷺ قال: " إذا أنفق الرجلُ على أهله يحتسبُها فهو له صدقة" وقال
1 / 9
ﷺ لسعد بن أبي وقاص ﵁: "ولستَ تُنفق نفقةً تبتغي بها وجه الله، إلاَّ أُجرتَ بها، حتى اللقمة تجعلُها في فِي امرأتِك" رواه البخاري (٥٣٥٤) ومسلم (١٦٢٨)، فدلَّت هذه النصوص على أنَّ المسلمَ إذا أدَّى ما هو واجب عليه للعباد برئت ذمَّتُه، وأنَّه إنَّما يحصل الأجر والثواب بالاحتساب وابتغاء وجه الله ﷾.
1 / 10
حفظ الوقت المخصَّص للعمل لصالح العمل
يجب على كلِّ موظف وعامل أن يشغلَ الوقت المخصَّص للعمل في العمل الذي خُصِّص له، فلا يشتغل فيه في أمور أخرى غير العمل الذي يجب أداؤه فيه، ولا يشغل الوقت أو شيئًا منه في مصلحته الخاصة، ولا في مصلحة غيره إذا كانت لا علاقة لها بالعمل؛ لأنَّ وقتَ العمل ليس مِلكًا للموظف والعامل، بل لصالح العمل الذي أُخذ الأجر في مقابله، وقد وعظ الشيخ المعمَّر بن علي البغدادي المتوفى سنة (٥٠٧هـ) نظامَ المُلك الوزير موعظة بليغة مفيدة، مِمَّا قال في أوَّلها:"معلومٌ - يا صدر الإسلام! - أنَّ آحاد الرعية من الأعيان مخيَّرون في القاصد والوافد، إن شاؤوا وصلوا، وإن شاؤوا فصلوا، وأمَّا مَن توشَّح بولاية فليس مخيَّرًا
1 / 11
في القاصد والوافد؛ لأنَّ من هو على الخليقة أمير، فهو في الحقيقة أجير، قد باع زمنه، وأخذ ثمنه، فلَم يبق له من نهاره ما يتصرَّف فيه على اختياره، ولا له أن يصلي نفلًا، ولا يدخل معتكفًا لأنَّ ذلك فضل، وهذا فرض لازم"، ومنها قوله وهو يعظه: "فاعمُر قبرَك كما عمرتَ قصرَك"ذيل طبقات الحنابلة لابن رجب (١/١٠٧) .
وكما أنَّ الإنسان يرغب في أخذ أجره كاملًا ولا يحبُّ أن يُبخسَ منه شيء، فعليه أن لا يبخسَ شيئًا من وقت العمل يصرفه في غير صالح العمل، وقد ذمَّ الله المطفِّفين في المكاييل والموازين الذين يستوفون حقوقهم ويبخسون حقوق غيرهم، فقال: ﴿وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُون َوَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ أَلا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ لِيَوْمٍ عَظِيمٍ يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ .
1 / 12
مسوغات اختبار العامل والموظف
...
مسوغات اختيار العامل والموظف
الأساس في اختيار كلِّ موظف أو عامل أن يكون قويًّا أمينًا؛ لأنه بالقوة يستطيع القيام بالعمل المطلوب منه، وبالأمانة يُؤدِّيه على وجه تبرأ به ذمَّته؛ لأنَّه بالأمانة يضعُ الأمورَ في مواضعها، وبالقوة يتمكَّن من أداء الواجب عليه، وقد أخبر الله عن إحدى ابنتي صاحب مدين أنَّها قالت لأبيها لَمَّا سقى لهما موسى ﵊:
﴿يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ﴾، وقال عن العفريت من الجنِّ الذي أبدى استعداده لسليمان ﵊ بالإتيان بعرش بلقيس: ﴿أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ﴾، والمعنى أنَّه جمع بين القدرة على حمله وإحضاره والمحافظة على محتوياته، وأخبر الله عن يوسف عليه الصلاة
1 / 13
السلام أنَّه قال للملِك: ﴿اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ﴾ .
وضدُّ القوة والأمانة العجزُ والخيانة، وهي أساس في عدم التعيين في العمل ومسوغات حقيقية للعزل منه، ولَمَّا جعل عمر بن الخطاب ﵁ سعد بن أبي وقاص ﵁ أميرًا على الكوفة، ونال منه بعضُ سُفهائها وتكلَّموا فيه عند عمر بن الخطاب ﵁، رأى عمر رضي الله عنهالمصلحة في عزله درءًا للفتنة، ولئلاَّ يعتدي عليه أحدٌ منهم، لكن عمر ﵁ في مرض موته عيَّن ستة من أصحاب رسول الله ﷺ يُختار منهم خليفة من بعده، وفيهم سعد بن أبي وقاص ﵁، فخشي أن يُظنَّ أنَّ عزل عمر ﵁ إياه عن إمارة الكوفة لعدم صلاحيته للولاية، فنفى ما قد يُظنُّ بقوله ﵁:"فإن أصابت الإمرة سعدًا فهو ذاك، وإلاَّ فليستعن به أيكم ما أُمِّر؛ فإنِّي لَم
1 / 14
أعزله عن عجز ولا خيانة" رواه البخاري (٣٧٠٠) .
وفي صحيح مسلم (١٨٢٥) عن أبي ذر ﵁ قال:" قلت: يا رسول الله! ألاَ تستعمِلُني؟ قال: فضرب بيده على منكبي، ثم قال: يا أبا ذر إنَّك ضعيف، وإنَّها أمانة، وإنَّها يوم القيامة خزي وندامة، إلاَّ مَن أخذها بحقِّها وأدَّى الذي عليه فيها"، وفيه أيضًا (١٨٢٦) عن أبي ذر ﵁ أنَّ رسول الله ﷺ قال: " يا أبا ذر إنِّي أراك ضعيفًا، وإنِّي أحبُّ لك ما أحبُّ لنفسي، لا تأمَرنَّ على اثنين، ولا تَوَلَيَنَّ مال يتيم".
1 / 15
كبار المسؤولين قدوة في الجِدِّ أو الكسل لصغارهم
إذا قام كبار الموظفين بواجباتهم على التمام والكمال، اقتدى بهم في ذلك الموظفون التابعون لهم، وكلُّ رئيس في العمل سيُسأل عن نفسه ومرؤوسيه، وقد قال ﷺ "كلُّكم راع ومسؤول عن رعيَّته، فالأمير الذي على الناس فهو راع عليهم وهو مسؤول عنهم، والرجلُ راع على أهل بيته وهو مسؤول عنهم، والمرأة راعية على بيت بعلها وولده وهي مسؤولة عنهم، والعبدُ راع على مال سيِّده وهو مسؤول عنه، ألاَ فكلُّكم راع وكلُّكم مسؤول عن رعيته" رواه البخاري (٢٥٥٤) ومسلم (١٨٢٩) عن عبد الله بن عمر ﵄.
1 / 16
وإذا حافظ المسؤولون الكبار على الأعمال في جميع أوقاتها صاروا قدوةً حسنة لِمَن دونهم، يقول الشاعر:
وإنَّك إذ مَا تَأتِ ما أنتَ آمِرٌ ... به تُلْفِ مَن إيَّاه تأمُرُ آتِيَا
المعنى: إذا أمرت غيرَك مِمَّن هو دونك بأن يقوم بواجبه وكنتَ سابقًا إلى قيامك بالواجب، فإنَّ غيرَك يستجيب لك ويقوم بما أمرتَه به.
1 / 17
معاملة الموظف غيره بمثل ما يحب أن يُعامَل به
النصيحة شأنها في الإسلام عظيم، ولهذا قال الرسول ﷺ "الدِّين النصيحة، قالوا: لِمَن يا رسول الله؟ قال: لله، ولكتابه، ولرسوله، ولأئمة المسلمين وعامتهم " رواه مسلم (٥٥) عن أبي رقية تميم بن أوس الداري ﵁، وقال جرير بن عبد الله البجلي ﵁: "بايعتُ رسول الله ﷺ على إقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والنصح لكلِّ مسلم" رواه البخاري (٥٧) ومسلم (٥٦) .
وكما أنَّ كلَّ موظف أو عامل إذا كانت له حاجة عند غيره يحب أن يعامله غيرُه معاملة حسنة، فإنَّ عليه أن يُعامل غيرَه معاملة حسنة، وقد قال ﷺ: "فمَن أحبَّ أن يُزحزح عن النار ويدخل الجنَّة فلتأته منيَّتُه وهو يؤمن بالله واليوم الآخر
1 / 18
، وليأت إلى الناس الذي يحبُّ أن يُؤتى إليه" رواه مسلم (١٨٤٤) في حديث طويل عن عبد الله بن عمرو ﵄، والمعنى: عامِل الناسَ بمثل ما تحبُّ أن يُعاملوك به، وقال ﷺ: "لا يؤمن أحدُكم حتى يُحبَّ لأخيه ما يحبُّ لنفسه" رواه البخاري (١٣) ومسلم (٤٥) عن أنس ﵁ وقد ذمَّ الله مَن يُعامل غيرَه على خلاف ما يحبُّ أن يُعامَل به في قوله: ﴿وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ﴾، وقال ﷺ: "إنَّ الله ﷿ حرَّم عليكم عقوق الأمهات، ووأد البنات، ومنعًا وهات، وكره لكم ثلاثًا: قيل وقال، وكثرة السؤال، وإضاعة المال" أخرجه البخاري (٢٤٠٨) ومسلم (٥٩٣) عن المغيرة بن شعبة ﵁، وفي هذا الحديث ذم الجَموع المنوع الذي يأخذ ولا
1 / 19
يُعطي، وقد ذكَّرَ اللهُ أولياءَ اليتامى بأنَّهم يخشون على ذريَّتهم الصغار لو تركوهم، فقال تعالى: ﴿وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا﴾، والمعنى: كما أنَّهم يُحبُّون أن يُحسَن إلى ذريَّتهم الضعاف من بعدهم، فإنَّ عليهم أن يُحسنوا إلى اليتامى الذين لهم ولاية عليهم
1 / 20
تقديم الموظف الأسبق فالأسبق من أصحاب الحاجات
من العدل والإنصاف ألاَّ يؤخِّر الموظفُ متقدِّمًا من أصحاب الحاجات، أو يقدم متأخِّرًا، بل يكون التقديم عنده على حسب السبق، وفي ذلك راحة للموظف وأصحاب الحاجات، وقد جاء في سنة الرسول ﷺ ما يدلُّ على ذلك، فعن أبي هريرة ﵁ قال: "بينما النَّبيُّ ﷺ في مجلس يُحدِّث القوم، جاءه أعرابيٌّ فقال: متى الساعة؟ فمضى رسول الله ﷺ يُحدِّث، فقال بعضُ القوم: سمع ما قال فكره ما قال، وقال بعضُهم: بل لَم يسمع، حتى إذا قضى حديثه قال: أين أراه السائل عن الساعة؟ قال: ها أنا يا رسول الله، قال: فإذا ضُيِّعت الأمانة فانتظر الساعة، قال: كيف إضاعتُها؟ قال: إذا وُسِّد الأمرُ إلى غير أهله فانتظر الساعة" رواه البخاري (٥٩) .
1 / 21
ووجه الدلالة من الحديث أنَّ الرسول ﷺ لَم يُجب السائل عن الساعة إلاَّ بعد فراغه من تحديث مَن سبقوه، قال الحافظ ابن حجر في شرحه:"ويؤخذ منه أخذ الدروس على السبق، وكذلك الفتاوى والحكومات ونحوها".
وجاء في ترجمة أبي جعفر محمد بن جرير الطبري في لسان الميزان للحافظ ابن حجر قوله:
"وأخرج ابن عساكر من طريق أبي معبد عثمان ابن أحمد الدينوري قال: حضرتُ مجلسَ محمد بن جرير وحضر الفضل بن جعفر بن الفرات الوزير، وقد سبقه رجل، فقال الطبري للرجل: ألا تقرأ؟ فأشار إلى الوزير، فقال له الطبري: إذا كانت النوبة لك فلا تكترث بدجلة ولا الفرات، قلت: وهذه من لطائفه وبلاغته وعدم التفاته لأبناء الدنيا".
1 / 22