كان النهر يجري
في بريق المساء.
عبارة تطلق الإحساس كله كما يطلق البرق الخاطف شرارات اللهب. لم يتعلمها الصبي من الكنيسة ولا من كتب الدين، بل تعلمها من اللقاء المباشر مع النور والنهر والعالم، فنطقت بها لغة القلب لا لغة الناس: «كان النقاء، كانت البراءة هي التي نطقت بها قلوبنا الصبية ...»
وهنا تكمن بذرة الخلاف العميق الذي أحسه هلدرلين طوال حياته مع الدين التقليدي في عصره، والصراع الذي عاناه من الكنيسة التي أرادت أن يؤمن بالوصايا والقوانين، في الوقت الذي راح يستمد فيه إيمانه بالله من لقائه مع الأرض والنور والزهرة والنسيم.
ويكفي أن نستمع إلى أغنية أنشدها الصبي في عيد السلام ...
إنه يصغي في يوم الراحة لسكون الزهور وخرير الجداول والينابيع. من بعيد يتردد صوت الجوقة من حناجر «الكبار» وهم يرتلون نشيد الصلاة في الكنيسة .. كان هذا النشيد يهدئ همومه وشكوكه. ومع ذلك فقد ظل فيه شيء غامض لم يستطع أن يفهمه أبدا ... لقد دخل الطفل بعد ذلك إلى الكنيسة، وأصبح قدره في أيدي الكهنة والقساوسة، وبقي سؤاله الحائر الأليم يتردد: «لماذا؟» .. لماذا كتب عليه أن يغشى الظلام عينيه ويسد الطريق على النظرة الحرة؟ لماذا قدر عليه أن يحرم من أفراح الأرض والسماء كأنما صارت الفرحة بمعجزاتهما إثما من الآثام؟ أليست روح الله كامنة في التحول الدائم والصيرورة التي لا يتوقف نهرها عن الجريان؟ ألا تتدفق من الينابيع الحية وتزدهر في الأزهار الساكنة؟ أمن الضروري أن تقيده الكنيسة والتقاليد في حين نجد الإيمان يهفو إليه بالحرية والحياة في الجداول والوردة والنور؟ لن يسكت هذا السؤال المعذب الذي نطق به الصبي في يوم عيد:
نحن أيضا قد عرفنا البهجة ذات يوم،
في ساعة الصباح عندما كانت «الورشة» هادئة
يوم العيد والزهور ساكنة،
كانت هي أيضا أنضر جمالا،
Bog aan la aqoon