Hobbit Wa Falsafa
الهوبيت والفلسفة: حين تفقد الأقزام والساحر وتضل الطريق
Noocyada
23
وقد «اعتاد أن يرتديه في البداية إلى أن أتعبه؛ وحينئذ صار يحتفظ به في جعبة ملاصقة لجسده إلى أن تسببت له في تقرحات؛ والآن صار في العادة يخبئه في الصخرة على جزيرته، ودائما ما كان يعود ليمتع عينيه بالنظر إليه».
24
إن رغبته في الاستحواذ والامتلاك، المدعومة بالتأثير الفاسد للخاتم، مفهومة؛ فهو يتحدث إلى الخاتم. إنه يمنحه الطعام، إنه يمنحه القوة، إنه يمنحه حياة طويلة بشكل غير طبيعي، إنه يوفر له الأمان، إنه خاتمه الثمين وترتكز عليه حياته بأسرها، غير أنه من الواضح أن الخاتم لا يمنح جولوم السعادة، بل يجلب له التعاسة والقلق والاتكال على الغير.
وتقدم البوذية عدسة غير غربية لنتفحص من خلالها الشخصيات الجشعة أمثال جولوم. وثمة فارق كبير بين الفكر المسيحي والبوذي يظهر في مفهوم النفس؛ فعلى عكس الفهم الغربي الشائع للجسد المادي والنفس الروحانية، تكمن الرؤية البوذية في عدم وجود نفس، فيرى البوذيون أن أي مفهوم للنفس والآخر هو مفهوم خيالي ولا يتجاوز كونه مجرد تجل للعقل. ولكن بعيدا عما يؤدي إليه من النفور أو الفساد الأخلاقي على السواء، يؤكد هذا الفهم أن أفعال المرء وتوجهاته لها أهمية ضخمة. ويكمن تفسير هذا التناقض في المفهوم البوذي المحوري عن «التانها» أو التعلق أو التشبث الأناني؛ فيؤمن البوذيون بأننا:
استحواذيون، وجشعون، وحاقدون، وخائفون؛ لأننا نعتقد أن لدينا نفسا لها احتياجات ورغبات وحقوق لا بد أن تحترم وتلبى. يقول البوذيون إننا مخدوعون بشأن هذه النفس. وتعلقنا بالفكرة هو سبب كل مشكلاتنا، والسبب في تجسدنا لحياة من المعاناة مرارا وتكرارا. وحين نكف عن التعلق بفكرة النفس، يمكننا أن نتطور على المستوى الروحاني ونبلغ «النرفانا» أو السعادة المطلقة، التي تعني اندثارا لكل مظاهر الاشتهاء من شأنه أن يمنح تحررا هانئا.
25
بحسب الحقائق الأربع النبيلة في البوذية، يعد هذا الاشتهاء الأناني السبب الرئيس لمعاناة الإنسان وسخطه؛ ومن ثم فإن الفهم الصحيح للواقع (الأناتا، أو اللانفس) يجلب الحرية ويمنع المشاعر الأنانية المؤلمة، وهو يؤدي إلى كل من الحكمة (براجنا) والشفقة والرحمة (كارونا)؛ ومن ثم يسعى إلى تقليل المعاناة في العالم. ويقف ذلك على طرف النقيض من الطمع الذي - في ظل سعيه لزيادة قوة ومقتنيات نفس لا وجود لها - يرجع أساه إلى وهم.
لذلك فإن السبب المطلق وراء الأفعال المؤلمة في البوذية ليس الإثم المرتكب إراديا، وإنما الجهل (أفيديا)؛
26
Bog aan la aqoon