Hobbit Wa Falsafa
الهوبيت والفلسفة: حين تفقد الأقزام والساحر وتضل الطريق
Noocyada
إن هذه «الشهوة للهيمنة» تجلب شرورا كبرى لإزعاج الجنس البشري بأسره وإنهاكه. لقد هزمت روما بسبب هذه الشهوة حين انتصرت على غزو ألبا، وأطلقت على التهليل الشعبي لجريمتها اسم «المجد»؛ إذ إن «الآثم» - مثلما يقول الكتاب المقدس - «يمتدح في رغبات روحه، ويبارك الإنسان ذو الأفعال الخبيثة.»
5
كان المجد والمديح من منظور أوجستين وغيره من المسيحيين الأوائل يعودان في المقام الأول لله، ولم يكن تمجيد الله لعطاياه ونعمه وكماله شيئا خيرا في حد ذاته فحسب، بل ساعد أيضا في كبح جماح الغرور الإنساني والطموح العنيف. وبالنظر إلى أن الكثير من المسيحيين الأوائل قد تبنوا مبدأ السلام الكامل، فقد كانت هناك أيضا فرصة حقيقية في اقتطاع مفهوم المجد من ماضيه الجاهلي، غير أنه - كما أشار تولكين - لم يكن من السهل على المسيحيين التخلي عن مفهوم المجد الكلاسيكي.
في عام 1936 ألقى تولكين محاضرة في الأكاديمية البريطانية بعنوان «بيوولف: الوحوش والنقاد». كانت الملحمة البطولية الإنجليزية القديمة «بيوولف» (التي تم تأليفها فيما بين القرن الثامن والقرن الحادي عشر) تضم شتى أنواع العناصر المسيحية، ولكن تولكين أشار إلى أن هذه العناصر كانت من قبيل الزينة والزخرفة إلى حد كبير. فأسفل هذه الإشارات والمراجع المسيحية كان هناك تقليد بطولي للمجد في غاية النشاط من عصر ما قبل المسيحية؛ ألا وهو كسب المدح من خلال العنف. فبطل القصة، بيوولف، أشبه بالأبطال الكلاسيكيين منه إلى يسوع في العهد الجديد الذي لا يميل للعنف، ويحث أتباعه على أن يحبوا أعداءهم وأن يديروا لهم الخد الآخر. وبينما كان يسوع يعظ بالرأفة والرحمة والصفح والتواضع، كان تركيز بيوولف منصبا أكثر بكثير على بهجة الانتصار وتحقيق الشهرة المهيبة المجيدة.
في أرض تولكين الوسطى، هناك بالتأكيد مكان للبطولة على أرض المعركة؛ ففي رواية «الهوبيت»، يتوافق هجوم ثورين في معركة الجيوش الخمسة بشكل مباشر مع التقليد البطولي الكلاسيكي:
فجأة انطلقت صيحة، وجاء صوت نفير عبر البوابة. لقد نسوا ثورين! ... هب الملك أسفل الجبل، وتبعه رفاقه. تلاشت القلنسوة والعباءة، وصاروا لا يرتدون سوى الدرع البراقة، وقفز من أعينهم شعاع ضوء أحمر. ووسط الظلام الدامس تألق القزم العظيم مثل الذهب في نيران محتضرة.
6
وعلى الرغم من أن ثورين يموت في المعركة، فإنه يحقق المجد من خلال الهزيمة النهائية لأعدائه وبلوغ مسعاه البطولي بنجاح. وينجح ثورين في الظفر بالمجد العظيم بصفة خاصة بفضل القوة الكاسحة الهائلة التي لا بد أن يواجهها؛ مصداقا لما لاحظه شيشرون من أن «كلما عظمت المشقة؛ عظم المجد.»
7
تتجلى مثل هذه الفرص لبلوغ المجد الكلاسيكي بدرجة أكبر في رواية «عودة الملك» حين يصف تولكين ما يتضح أنه المحطة الأخيرة لأراجورن. ففي لحظة يمكن اعتبارها أعظم لحظاته، ينظم أراجورن قواته قبل بلوغ بوابة موردور السوداء. ويعرض تولكين هذه اللوحة الأخاذة لأراجورن بعد فتح البوابة مباشرة ومواجهة رجال الغرب لقوات معادية تفوقهم عددا بعدة مرات:
Bog aan la aqoon