159

History of Andalusian Literature (The Era of Cordoba's Dominance)

تاريخ الأدب الأندلسي (عصر سيادة قرطبة)

Daabacaha

دار الثقافة

Daabacaad

الأولى

Sanadka Daabacaadda

١٩٦٠

Goobta Daabacaadda

بيروت

Noocyada

والثريا دنت من البدر حتى ... خلتها دارعا يدير مجنا وهي من أغرب الصور التي يرسمها شخص أعمى، ولذلك فان كثيرا من تصويره مبني على نوع من الوهم الغريب، كتصويره أحبته يرحلون وقد بلهم الرذاذ والندى فلما تحركت جمالهم تساقطت القطرات على الارض، وبكى هو فاختلطت دموعه بتلك القطرات، فما عاد تمييزها ميسورا (١):
لم يرحلوا إلا وفوق رحالهم ... غيم حكى غبش الظلام المقبل
وعلت مطارفهم مجاجات الندى ... فكأنما مطرت بدر مرسل
لما تحركت الحمول تناثرت ... من فوقهم في الأرض تحت الأرجل
فبكيت لو عرفوا دموعي بينها ... لكنها اختلطت بشكل مشكل فلما تأدت هذه الطريقة الشعرية إلى الرمادي تقدم بها خطوة، فاعتمد كثيرا على الاحالة في المبالغة ومحاولة الايهام، واتكأ على طلب المعنى المبتكر، وانفق فيه جهدا عظيما، وتردد بين الأطراف الجدلية للموضوع يلحمها ويسديها، فمن إحالاته المجتلبة قوله:
لا تنكروا غرر الدموع فكل ما ... ينحل من جسمي يصير دموعا وقوله في العاذل:
أيأمن أن يغدو حريق تنفسي ... وإلا غريقا في الدموع السواجم
فهذا حمام الأيك يبكي هديله ... بكائي فليفزع للوم الحمائم وله قطعة كاملة نحا فيها هذا المنحى فقال (٢):
غدا يرحلون فيا يوم رسلك ... كن بالظلام بطيء اللحاق
ويا دمع عيني سد الطريق ... وأفرغ عليهم نجيع المآقي

(١) الجذوة: ٣٥٨
(٢) الجذوة: ١٦٥

1 / 163